عمر بن الخطاب

0

لم يحظ رجل في التاريخ الإسلامي بعد النبي محمد صلي اللة علية وسلم بمثل ما حظي بة عمر من تتبع أثارة وأقوالة وسيرتة فكان ومازال مثالا حيا للعدل والنزاهة والقوة والرحمة والزهد وقوة الإيمان فإذا تحدث محدث عن أي من هذة الصفات إقترن عمر بهذا الحديث تلقائيا وكأنة ملازم لتلك الصفات ملتصق بها لا يصح ذكرها دون ذكرة..ونحن هنا ننقل ومضات من حياة الفاروق محاولين دراسة جوانب هذة الشخصية الفذة وليست سيرة ذاتية بالمعني المفهوم لأن ذلك يحتاج لمئات الصفحات
مولدة ونسبة:
ولد عمر بعد عام الفيل بثلاثة عشر سنة فهو يصغر النبي علية السلام بأربعة عشر عاما وهو من قبيلة عدي بن كعب وهي قبيلة قرشية كان حظها من مناصب قريش السفارة وفض المنازعات بين المتخاصمين غير أنها لم تبلغ قبل الإسلام ما بلغة بنو هاشم وبنو أمية وهما المستحوذان علي المناصب الدينية الكبري وهما الأغني والأكثر شرفا ونفوذا..ولكنها بلغت بعمر فيما بعد أسمي مقامات المجد والسؤدد وكفي بذلك شرفا
عمر في الجاهلية:
نشأ عمر نشأة قاسية لم يعرف فيها ألوان الترف نظرا لفقر أبية النسبي وقد كان أبوة الخطاب فظا غليظا يرهقة بالعمل ويضربة إذا قصر وقد إنعكست تلك المعاملة القاسية علي شخصية عمر فكانت فية غلظة وشدة لازمتة طيلة حياتة وإن كان الإسلام قد هذبها ووضعها في مقامها السليم فغدت شدة في الحق لا جورا ولا ظلما....وكان عمر من النجباء القلائل في قريش اللذين تعلمو القراءة والكتابة...وكان ذواقا للشعر والأدب فكان حريصا علي حضور المنتديات والمساجلات الكبري في أسواق عكاظ وذي المجاز..وكان من أعلم الناس بأنساب العرب وورث عن قبيلتة فن فض المنازعات فكان يقضي في الخصومات بين بطون قريش وزادة ذلك حكمة وخبرة وفهما لطبيعة النفوس البشرية وأضاف ذلك إلية الكثير من المهارات السياسية ساعدتة فيما بعد...نشأ عمر كغيرة من شباب قريش محبا للخمر معاقرا لها محبا للنساء مصاحبا لهم...وقد إشتهر بممارسة رياضة المصارعة وركوب الخيل فقد كان قوي الجسد وافر البنية....وكان يتكسب عيشة من العمل بالتجارة وكان متوسط الحال في الغني أو قل إن شئت من الطبقة المتوسطة بتعبيرنا اليوم
ما سرعداوتة الشديدة للإسلام:

كان عمر قبل الإسلام من أشد الناس بغضا وعداوة للصابئين وهم نفر تركو عبادة الأصنام وبحثو عن دين أخر يرضي عقولهم وفطرتهم من أمثال زيد بن عمرو بن نفيل إبن عم عمر وورقة بن نوفل فكان يعيبهم ويسبهم ولكن كان خطر هؤلاء علي مكانة قريش كان يسيرا لأن هؤلاء كفاهم أنفسهم ولم يكن لهم أتباع فهي حالات شاذة لا تنال من مكانة قريش السياسية أوالدينية أما وقد بعث النبي محمد علية السلام وإتبعة نفر من أشراف قريش من أمثال أبوبكر وأبو عبيدة وعبدالرحمن بن عوف وكثير من العبيد والإماء فقد أصبح الأمر خطرا جللا علي المكانتين الدينية والسياسية لقريش...فكان عمر من أشد الناس علي المسلمين تنكيلا وتعذيبا...وقضي في سبيل ذلك ستة سنوات بذل فيها الغالي والنفيس للقضاء علي الدعوة المحمدية حتي أسلم في السنة السادسة من البعثة... والسؤال هنا حاضر وبقوة كيف لعقل مثل عقل عمر أن يغفل عن الإسلام؟؟؟؟ وكيف لنفسة المفطورة علي حب العدل بحكم وظيفتة السياسية في قريش كحكم بين المتنازعين أن تغفل مقدار الظلم والجور الواقع علي من أسلمو؟؟؟؟ بل وشارك هو بنفسة في بعض أعمال التعذيب والقمع فمثلا شاهدة أبو بكر الصديق يضرب جارية أسلمت حتي تعبت يداة ووقع السوط من يدة فإشتراها الصديق وأعتقها..وكيف لعمر متذوق الشعر ذو الحاسة الأدبية الراقية أن يغفل عن بلاغة القرأن؟؟؟؟؟...ستة سنوات كاملة مرت علية ولم يسلم وهذا كثير علي شخص كعمر ولكن إذا تدبرنا الأمر وجدناة يكاد أن يكون منطقيا فعمر ذو منصب سياسي متوارث وهو منصب بمنزلة القضاء فهو علي إتصال بالنخبة السياسية لقريش وهو ركن من أركان الحكم القرشي القبلي فكان أشد ما يكون حرصا علي أن يظل النظام السائد كما هو دون تغيير حفاظا علي الوحدة السياسية لقريش وحفاظا علي المصالح المتمثلة في مواسم الحج الوثني لسائر القبائل في شبة الجزيرة وما يتبع ذلك من منفعة إقصادية ومعنوية جمة لقريش...فكانت الدعوة المحمدية بمثابة تهديد للأمن القومي القرشي من وجهة نظر عمر فلابد أن يحمي الجماعة الأم فكان لابد من أن يغلب مصلحة الجماعة حتي ولو أضر ذلك بالفرد...ولابد لة من أن يحمي موروث عائلتة الشرعي في تولي السفارات والقضاء بين المتنازعين وهو حظها الوحيد من المناصب السياسية وهي في الحال الراهن دون بني هاشم وبني أمية منزلة فمن يدري ما اللذي ستؤول لة الأمور لو تغير النظام السياسي المكي بسبب الدعوة المحمدية فيصبح بني عدي لا ناقة لهم ولا جمل وتتدني مكانتهم أكثر وأكثر...وقد يكون قد إجتهد أكثر من غيرة تنكيلا بالمسلمين ليقول نحن بني عدي هنا نستحق مكانة أفضل فتذكري يا قريش بعد القضاء علي محمد فضل وشرف بني عدي....أما عن محاربتة الإسلام بسبب إيمانة بعقيدة عبادة الأوثان فهذا أبعد ما يكون عن عقل كعقل عمر...وقد صرفتة هذة الأسباب وأعمت بصيرتة عن قبول الحق ستة سنوات كاملة
إسلام عمر:

مرت سنة تلو أخري بعد بعثة النبي وأصحابة صامدون..وعمر وغيرة يشتدون في التنكيل فيزداد المسلمون قوة وصلابة فلابد من أن عمر قد تساءل بينة وبين نفسة ما سر هذة القوة يا عمر؟؟؟ما بال هؤلاء الناس يشترون دينهم بأرواحهم وأموالهم وأولادهم ؟؟؟ثم ما سر كل هذا الإكبار لمحمد حتي إن أحدهم ليفتدية بروحة وولدة وكل ما يملك؟؟؟؟أي الفريقين علي حق؟؟؟؟ثم تعود نفسة لتحدثة بخطورة هذا الدين علي مكانة قريش فهو بين شد وجذب إلي أن وقعت حادثة كان لها أبلغ الأثر في إسلام عمر وهي واقعة لقاءة بأم عبداللة بنت حنتمة في السنة الخامسة من بعد البعثة وهي زوجة عامر بن ربيعة اللذي تبناة الخطاب والد عمر وحالفة في الجاهلية حتي إنة سمي عامر بن الخطاب فكان بمثابة الأخ لعمر وكانت أم عبداللة في جماعة من المسلمين مهاجرين إلي الحبشة فتقول أقبل عمر حتي وقف علي وكنا نلقي منة البلاء والأذي والغلظة علينا فقال لي إنة الإنطلاق يا أم عبداللة؟قالت نعم واللة لنخرجن في أرض اللة اذيتمونا وقهرتمونا حتي يجعل اللة لنا فرجا فقال عمر في رقة غير معهودة صحبكم اللة تقول بنت حنتمة ورأيت منة رقة لم أرها قط ثم إنصرف وقد أحزنة خروجنا... .ولما رجع زوجها وكان قد ذهب في بعض شأنة قصت علية ما حدث فرد عليها متهكما كأنك قد طمعت في إسلام عمر؟؟ قالت نعم فقال ساخرا إنة لا يسلم حتي يسلم حمار الخطاب.....فهنا قد غلبت رحمة عمر بطشة وهالة أن يري بعضا من أهلة وقومة وأصحاب الأمس مضطهدين مظلومين هاربين بأنفسهم من بطش قريش ومن بطش عمر فتحركت غريزة العدل والرحمة في داخلة وأحس بمقدار الظلم الواقع علي المسلمين ثم لم يمض القليل حتي دخلت السنة السادسة من الهجرة وأسلم عمر وهو في السابعة والعشرين من عمرة وقصة إسلامة مشهورة لا داعي لذكرها هنا ويعنينا فيها لطمة لأختة فاطمة بنت الخطاب حتي سال الدم علي وجهها حين علم بإسلامها فهنا أيضا تحركت داخلة غريزة الرحمة فغلبت بطشة ورق لحال أختة فطلب قراءة القرأن فإغتسل وقرأ صدر صور طة وما هي إلا لحظات حتي أذهلتة بلاغة الكلمات وقوة العبارة وهو الناقد للشعر العالم بأسرار البيان فقال ما أحسن هذا الكلام وأكرمة وإنطلق إلي النبي في دار الأرقم وأعلن إسلامة
عمر بعد الإسلام:
أسلم عمر في دار الأرقم ورجع إلي بيتة فبات ليلتة يؤنب نفسة ويلومها علي ما إقترفتة في حق المستضعفين وهالة الأذي اللذي ألحقة بهم ففزع لحجم الظلم اللذي تسبب فية لأناس مستضعفين لا يستطيعون رد إسائتة وساءة أن لا يلقي صناديد قريش بعضا من بطشة ما إستطاع إلي ذلك سبيلا حتي وإن كان ذلك سيوردة مورد التهلكة فعزم أن يري قريش منة ما تكرة فلما أصبح توجة إلي بيت خالة أبوجهل وطرق علية بابة وأعلمة بإسلامة فأغلق أبوجهل الباب دونة وإستشاط غضبا وهو يقول قبحك اللة وقبح ما جئت بة ثم عرج علي جميل بن معمر الجمحي وهو أنقل قريش للحديث فأخبرة فإنطلق جميل يصرخ بأعلي صوتة إلي الكعبة وقريش في أنديتها ألا إن عمر بن الخطاب قد صبأ وعمر من وراءة يقول كذبت ولكني قد أسلمت فهاج القوم وإلتفو حولة يضربونة ويضربهم حتي أعياة التعب وبعد ذلك ألح علي النبي في الخروج للصلاة والطواف جهرا عند الكعبة فلم يزل بة حتي خرج النبي بين صفين علي رأس أحدهما عمر وعلي الأخر حمزة فطافو وصلو ولم يجرؤ أن يتعرض لهم أحد وسماة النبي يومئذ الفاروق لأنة فرق بين الحق والباطل وكفي بذلك شرفا...وكان عبداللة بن مسعود يقول ( كان إسلام عمر فتحا وكانت هجرتة نصرا وكانت إمارتة رحمة لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالبيت حتي أسلم عمر فلما أسلم قاتلهم حتي تركونا فصلينا فمازلنا أعزة منذ أسلم عمر)....لقد أمن عمر بالرسالة علي أفضل مايكون الإيمان وأعظم مايكون اليقين فهذب الإسلام شدتة وغلظتة وحماها بحمي القرأن وتعاليم النبي وسنتة فكانت منذ يوم إسلامة شدة في الحق وبطشا بالباطل ولأن لكل فعل رد فعل فإن علي الجانب الأخر إنفجر عمر رحمة ورقة خوفا من اللة من أن يأخذة بذنب بطشة وشدتة علي أحاد الناس فكان خليطا رائعا شديد علي الظالمين وبالمظلومين رؤوف رحيم وظل علي هذا النهج حتي لقي ربة شهيدا
مكة بعد إسلام عمر:
كان إسلام عمر سببا في إسلام الكثيرين من قريش ممن تهوي نفوسهم إلي الإسلام وكانو قبل عمر يخافون بطش قريش وشدتها أما وقد شاهدو المسلمين يجهرون بالصلاة والطواف بالكعبة بعد إسلام عمر فقد جهرو بالإسلام وزاد عدد المسلمين الجدد بصورة ملحوظة حتي يكاد أن يكون الأمر قد فشا في كل بيت من بيوت مكة فبالفعل كما قال بن مسعود كان إسلامة فتحا
عمر والوحي:

إشتهر عمر بفراستة وبحسن تدبر الأمور..فلم يزل غير مرة يفكر في أمر يشغلة ولا يجد لة بيانا في القران أو عند رسول اللة ثم يجتهد فيخرج برأي إلا وقد أتبعة الوحي موافقا لما يقول وكان النبي صلي اللة علية وسلم يقول (جعل اللة الحق علي لسان عمر وقلبة) ونعدد في السطور التالية مرات موافقتة للوحي...

  • دعوة المسلمين للصلاة أو الأذان:لما إستقرت الأمور في المدينة بحث النبي عن وسيلة تدعو الناس إلي الصلاة كبوق اليهود أو ناقوس النصاري فنحت ناقوسا لذلك وكلف عمر بأن يشتري لة خشبتين في الغداة فبينما عمر نائم في هذة الليلة رأي في منامة من يقول لة لا تجعلو الناقوس بل أذنو للصلاة فذهب ليخبر النبي بذلك فإذا الوحي قد سبقة بهذا التشريع
  • أسري بدر:أسر المسلمون 70 شريفا من علية القوم في قريش يوم بدر وإستطلع النبي علية السلام رأي أصحابة فيهم فكان رأي عمر هو أن يقتلو وقال للنبي (هم أعداء اللة كذبوك وقاتلوك وأخرجوك إضرب رقابهم هم رؤوس الكفر وأئمة الضلالة يوطيء اللة بهم الإسلام ويذل أهل الشرك).. فلم تأخذ عمر بهم أدني شفقة وخاصة أن هؤلاء أيديهم ملوثة بالدماء ولا ظلم في القصاص منهم....فخاف الأسري من بطش عمر وتأثير رأية علي قرار النبي فإتصلو بأبي بكر فوعدهم الصديق خيرا ثم إنتهي الأمر بأن من النبي عليهم بالفداء ثم نزل القرأن مؤيدا لرأي عمر يقول تعالي بسم اللة الرحمن الرحيم((ما كان للنبي أن يكون لة أسري حتي يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا واللة يريد الأخرة واللة عزيز حكيم))
  • الصلاة علي عبداللة بن أبي بن سلول كبيرالمنافقين عدو الإسلام:لما مات بن سلول هم النبي بالإستغفار لة والصلاة علية فغضب عمر فجعل يذكر كيد الرجل للإسلام وتلي علي النبي قولة تعالي بسم اللة الرحمن الرحيم ((إستغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر اللة لهم)) وإبتسم النبي قائلا (لو أعلم أني زدت علي السبعين غفر لة زدت) وصلي النبي علي بن سلول ووقف علي قبرة ثم نزل الوحي بعد ذلك مؤيدا لرأي عمر فقال تعالي بسم اللة الرحمن الرحيم((ولا تصل علي أحد منهم مات أبدا ولا تقم علي قبرة))
  • الخمر:كان عمر من أشد المحبين للخمر في الجاهلية فهو أولي الناس بعدم البحث في مسألة تحريمها ولكنها النفس العمرية التي سمت فوق الشهوات ومراد النفس فكان جل همة هو منفعة الإسلام والمسلمين وهو أعلم الناس بمضار الخمر وخطرها علي العقول وعلي تصرفات الناس فسأل النبي في الخمر ولم يكن قد نزل فيها قرأن وقال اللهم بين لنا في الخمر فإنها تذهب العقل والمال فنزلت الإية ((يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما)) ولما لم تشتمل الأية علي نهي صريح يردع شاربها عاد فكرر مناجاتة اللهم بين لنا في الخمر فلم يزل علي هذا الحال حتي حسم الأمر بقولة تعالي ((يا أيها اللذين أمنو إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فإجتنبوة لعلكم تفلحون))
  • حجاب أمهات المؤمنين:تقول عائشة رضي اللة عنها(كان عمر يقول للنبي إحجب نسائك فلم يفعل وكان أزواج النبي يخرجن ليلا قبل المناصع لقضاء الحاجة فخرجت سودة بنت زمعة وكانت طويلة فرأها عمر وهو في المجلس فقال عرفتك يا سودة حرصا علي أن ينزل تشريع الحجاب فأنزل اللة عزوجل أية الحجاب)....ويقول عمر(قلت يارسول اللة سيدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب) فنزلت أية الحجاب
  • مظاهرة أزواج النبي لة:قال عمر للنبي ( يا رسول اللة ما يشق عليك من أمر النساء إن كنت طلقتهن فإن اللة معك وملائكتة وجبريل وميكائيل وأنا وأبوبكر والمؤمنون معك) فنزلت الأيات بسم اللة الرحمن الرحيم ((وإن تظاهرا علية فإن اللة هو مولاة وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير عسي ربة إن طلقكن أن يبدلة إزواجا خيرا منكن))
  • الصلاة في مقام إبراهيم:يقول عمر (قلت يارسول اللة لو إتخذنا من مقام إبراهيم مصلي) فنزلت الأية ((وإتخذو من مقام إبراهيم مصلي))
فهل كان عمر ذو قدرات خارقة ليتوصل إلي كل ذلك بالطبع لا ولكنها الفراسة ونفس تواقة لما فية مصلحة المجتمع فمن يختلف علي كون أن تكون مميزا في الدعاء إلي صلاتك بطريقة جديدة وأن لا تكون مقلدا؟؟ومن يختلف علي أن تظهر القوة والبأس في معاملة أعدائك بعد أول إنتصارعليهم بعد طول إنكسار خاصة وأن هؤلاء لم يكن منهم أحدا بريئا بل كلهم ملوثة أيديهم بالدماء ومن يختلف علي قبح وأذي إبن سلول ومن يختلف علي قبح الخمر وضررها ومن يختلف علي حسن حجاب أمهات المؤمنين وكذلك مضايقة نساء النبي لة وكذلك حسن الصلاة في مقام إبراهيم رمز التوحيد وأبو الأنبياء...فإنما هي فطرة نفس مؤمنة جل ما يهمها مصلحة البلاد والعباد فتوافقت مع التشريع الرباني...وهكذا كان عمر دائما ذو عقل مفكر مستنبط فلا غرو في أن يبلغ أسمي مقامات المجد
فضل عمر في صون وحدة الدولة الإسلامية الوليدة بعد وفاة النبي:
بعد وفاة النبي كانت الدولة الإسلامية الناشئة في مفترق طرق فقد كانت القبائل البعيدة عن مكة والمدينة حديثة عهد بالإسلام وقد كانو يتحينون الفرص للخروج علي سلطان المدينة وشق عصا الطاعة وكان يمنعهم وجود النبي علية السلام بكل جلالة وهيبتة وتوحد المسلمين حول شخصة وحب أصحابة لة وإستعدادهم بالتضحية في سبيلة بالغالي والنفيس أما وأن محمدا قد مات فقد أصبحت الفرصة سانحة لكل ذي مطمع خاصة إذا بدت بوادر التشرذم والخلاف بين المسلمين وهكذا ظهر مدعو النبوة ومانعي الزكاة والمرتدين بعد موت النبي مباشرة وباتت الدولة الإسلامية مهددة بالإنهيار وهي لاتزال غضة طرية في طور النشوء ووسط كل هذا الخطر الداهم لم يستقر المسلمون علي أمير لهم يخلف رسول اللة فإجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة لإختيار سعد بن عبادة  خليفة للنبي دونما المهاجرين ولاح في الأفق شبح حربا ضروس بين المهاجرين والأنصار توشك أن تنهي أمر الإسلام كلة.......وهنا تحرك أهم رجلين في الأمة للقضاء علي الفتنة لم يرد أيا منهما الخلافة ولم يتمنها فأتتهما الخلافة رغما عنهما....إنطلق عمر إلي أبي بكر وهو مشتغل بتجهيز النبي للدفن وتوجها معا نحو السقيفة....وتجادل معهم أبو بكر فتنازلت مطالبهم قليلا فقالو منا أمير ومنكم أمير فقال أبو بكر بحجة دامغة (لايستوي إثنين في قرن) وقال ما معناة إن العرب لن ترضي منكم بالإمارة ونبيها ليس منكم ولكنهم يرضونها من قريش ...وغلب التعصب بعض الأنصار وصل إلي حد المطالبة بطرد المهاجرين من المدينة ونادي بالحرب...وهنا تدخل حكيم أخر هو أبوعبيدة بن الجراح فقال (يا معشر الإنصار كنتم أول من نصر وأزر فلا تكونو أول من بدل وغير) فهدأت النفوس..وأخذ أبوبكر بيدي عمر وأبوعبيدة وقال (أيهما شئتم فبايعو) وهنا إنتفض عمر فنادي بصوتة الجهوري ( بل إبسط يدك يا أبوبكر ألم يأمر النبي أن تصلي  أنت بالمسلمين فأنت خليفة رسول اللة فنحن نبايعك لنبايع خير من أحب رسول اللة منا جميعا) فحسم بذلك الخلاف وبين فضل أبوبكر عليهم جميعا فمن ذا اللذي يتقدم أبوبكر في هذا الأمر وصدق عمر وبايع من كان في السقيفة فلما كان الغد حضر الناس في مسجد النبي وقام عمر خطيبا فقال (إن اللة قد جمع أمركم علي خيركم صاحب رسول اللة وثاني أثنين إذهما في الغار فقومو فبايعو) فبايع الناس جميعا فلم يتخلف أحد......
عمر وجمع القرأن:
كان عمر هو أول من فكر في جمع القرأن في مصحف واحد وذلك لما لاحظ عمر مقتل كثير من حفظة القرأن يوم معركة اليمامة فخاف عمر أن يضيع شيئا من القرأن الكريم فنبة أبوبكر إلي ذلك فرفض أوبكر أول الأمر وقال (كيف أفعل شيئا لم يفعلة رسول اللة صلي اللة علية وسلم) وأبو بكر متبع أصيل للنبي فخاف أن يصبح من المبتدعين اللذين غيرو بعد وفاة النبي...ولكن عمر لم يزل بة يراجعة ويراجعة ويقنعة بالحجة حتي شرح اللة صدر أبابكر لذلك فهكذا كان دأب عمر يفكر فيما لا يفكر فية غيرة ويبحث دوما عن المصلحة العليا للجماعة وهو ليس منغلق علي فكرة الإتباع بل إنة يعمل عقلة فيما لا يجد لة أصل في كتاب اللة أو سنة نبية فيجتهد ويفكر ويستنبط  ثم يخرج برأي كان دائما في مصلحة المسلمين وكم ملئت كتب الفقة برأي عمر مجتهدا في المسائل الخلافية فحسمت فيها الأمر...
أبوبكر يستخلف عمر:
لما أحس الصديق بدنو الأجل تذكر يوم السقيفة وإختلاف المسلمين حول من يختارونة خليفة ففزع وخاف أن يتكرر ذلك مرة أخري بعد وفاتة فلم يجد أفضل من عمر خليفة لة فشاور كبار الصحابة في أمر عمر والظن أنها كانت مشاورة شكلية تطبيقا لمبدأ الشوري في الإسلام وليعذر أبابكر نفسة أمام اللة إذا سئل عن إستخلاف عمر فالثابت يقينا في نفس الصديق أنة لا يوجد بديل لعمر وصدق الصديق..وظهر ذلك جليا حينما كان الإتجاة العام لغالبية الصحابة إثناء الصديق عن إختيار عمر تعللا بشدتة وغلظتة فدخلو علية وهو في مرضة وقال طلحة بن عبيد اللة (ما أنت قائل لربك إذا سألك عن إستخلافك عمر علينا وقد رأيت ما يلقي الناس منة وأنت معة فكيف بة إذا خلا بهم) فغضب الصديق غضبا شديدا وطلب أن يجلسوة وقال (أباللة تخوفونني خاب من تزود من أمركم بظلم أقول اللهم إستخلفت علي أهلك خير أهلك) ثم أشرف علي الناس في المسجد من حجرتة وقال (أترضون بمن أستخلف عليكم وإني واللة ما ألوت من جهد الرأي ولا وليت ذو قرابة وإني قد وليت عمر بن الخطاب فإسمعو لة وأطيعو) فأجاب الناس سمعنا وأطعنا فهدأت الأمور ووئدت الفتنة ولم يدر بخلد هؤلاء المعارضين لإستخلافة بأن هذا الوحش الكاسرالشديد الغليظ سيغدو أرق الناس وأرحم الناس فقد إعتلي عمر المنبر بعد أن أصبح الخليفة فخطب الناس وكان مما قال (بلغني أن الناس هابو شدتي وخافو غلظتي وقالو قد كان يشتد علينا ورسول اللة بين أظهرنا ثم إشتد علينا وأبوبكر والينا دونة فكيف وقد صارت الأمور إلية ومن قال ذلك فقد صدق إني كنت مع رسول اللة فكنت عبدة وخادمة وسيفا مسلولا حتي يغمدني أو يدعني فأمضي وكنت مع أبابكر أخلط شدتي بلينة فأكون سيفا مسلولا حتي يغمدني أو يدعني فأمضي ثم إني قد وليت عليكم فإعلمو أن هذة الشدة قد أضعفت ولست أدع أحدا يظلم أحدا حتي أضع خدة علي الأرض وأضع قدمي علي الخد الأخر حتي يذعن بالحق وإني بعد شدتي تلك أضع خدي علي الأرض لأهل العفاف وأهل الكفاف)...مثير للإعجاب أليس كذلك؟؟؟ رحم اللة الصديق فبالفعل قد إختار خير الناس بعدة علي الناس
عمر يبني إمبراطورية:
في حياة أبي بكر الصديق إستتبت الأمور للمسلمين في العراق فقد فتحت الأبلة والحيرة كبري مدن العراق وأهمها يومئذ وفتحت الأنبار وعين التمر ودومة الجندل والفراض ولامست جيوش المسلمين تخوم الشام...ونعلم أن الفتوحات إنطلقت في كلا من العراق والشام في نفس التوقيت ولكن الموقف لم يكن مستقرا في الشام فقد دارت جيوش المسلمين تناوش الروم في معارك هامشية صغيرة دون معركة فاصلة ودون فتوحات كبري ولذلك أمر أبو بكر خالد بن الوليد بالتوجة إلي الشام من العراق فتولي قيادة الجيوش ثم لحق  وإلتقي جيوش الروم في معركة فاصلة عند سهل اليرموك وإنتصر خالد إنتصارا باهرا ولحق أبوبكر بالرفيق الأعلي في نفس التوقيت ثم تولي عمر الخلافة وفي خلال عشرة سنوات هي مدة خلافتة نجح في إقامة إمبراطورية كبري لامست حدود دولة الصين شرقا إلي حدود إفريقية (تونس) غربا ومن بحر قزوين شمالاإلي المحيط الهندي وحدود السودان جنوبا..بدأها بإستكمال فتوحات العراق فإنتصر في معركتين فاصلتين أزالتا دولة الفرس من
دولة الخلافة عشية وفاة عمر
الوجود هما القادسية ونهاوند وسقطت بعد ذلك المدائن عاصمة الفرس ثم تخطي عمر حدود العراق ففتحت خراسان وأذربيجان وفي الشام فتحت دمشق وفي خلال عامين تم فتح كل بلاد الشام ثم فتحت فلسطين وحضر عمر بنفسة تسليم المدينة وكتب العهدة العمرية الشهيرة لأهلها ثم فتحت مصر ثم برقة (ليبيا والجزائر حاليا)....أليس من حق عمر إذا أن يخلد التاريخ إسمة كواحد من أهم الفاتحين العظام؟؟؟؟ألم يجعل الإمبراطورية الفارسية هباء منثورا لم تقم لة قائمة بعد ذلك؟؟؟ ألم يرد الإمبراطورية الرومانية إلي ما وراء المتوسط؟؟؟ ألم يجعلها دويلة صغيرة في القسطنطينية لا سلطان لها ولا قوة؟؟ هل سمع أحد بأي إنجازات للروم بعد ذلك؟؟؟هل يمكن أن تتخيل سيدي القاريء أنك رئيس دولة صغيرة في العصر الحديث أعلنت الحرب علي قطبي العالم الإتحاد السوفيتي وأمريكا في نفس الوقت وفي خلال عشرة سنوات فإنك قد أزلت أمريكا مثلا من علي وجة الخريطة وقمت بمحاصرة الإتحاد السوفيتي في رقعة صغيرة لا حول لهم ولا قوة؟؟؟؟ما اللذي سوف تتحدث عنة الصحافة ووسائل الإعلام؟؟؟بماذا يصفونك سيدي الفاتح؟؟؟؟؟ لقد فعلها عمر مع قطبي ذاك العصر الفرس والروم ....ولكن قيمة عمر في رأيي ليست في كونة فاتحا عظيما...قيمتة تتمثل في أنة أمن برسالة الإسلام علي أتم وأعظم ما يكون الإيمان وطبق تعاليمها في أدق التفاصيل علي نفسة أولا ثم علي الرعية ثانيا...لقد أثبت عمر روعة وعظمة هذا الدين حين يصبح للحاكم دستور حكم وحياة فكانت النتيجة توفيقا من اللة ونجاحات مدوية للأمة الإسلامية الناشئة...فلولا الإسلام لما كان عمر
عمر المجدد عمر يؤسس قواعد الإجتهاد:
أرسي عمر قواعد الإجتهاد في الدين في وقت مبكر جدا فكان مثالا رائعا لإعمال العقل وعدم الجمود أمام ظاهر النص القرأني أو فعل فعلة النبي طالما كان ذلك يخالف المصلحة العامة وتفسير النصوص تفسيرا يتفق ومصلحة الناس ومراعاة حكمة مشروعية النص في وقت التنزيل وتطبيق ذلك من عدمة وفق ما يقتضية الوقت الراهن وهو ما يطلق علية فقة الواقع ولنضرب علي سبيل المثال لا الحصر ما يلي....
موقفة من المؤلفة قلوبهم:

بعد فتح مكة أسلم كثير من سادة العرب فكان النبي يعطيهم من الفيء ومن أموال الزكاة  ليأتلفهم ويحبب إليهم الإسلام فأعطي أبوسفيان وأعطي الإقرع بن حابس وعيينة بن حصن وغيرهم وكان ذلك مصرفا من مصارف الزكاة يقول اللة تعالي ((إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم)) ونهج أبوبكر نفس منهج النبي فأعطاهم وكان ممن أعطي تحديدا الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن فكتب لهما صك ملكية أرض سبخة من أراضي الدولة ثم توفي الصديق وتولي عمر فجاء الأقرع وعيينة بالكتاب يطالبان عمر بقطعة الأرض فغضب عمر غضبا شديدا ومزق الصك وقال لهما (إن رسول اللة كان يتألفكما والإسلام يومئذ ذليل وإن اللة قد أعز الإسلام وأغني عنكم فإن تبتم إلية وإلا فبيننا وبينكم السيف) ثم منع هذة الطائفة كلها من أموال الزكاة ...فلا يوجد مسوغ الأن لإعطائهم من أموال الدولة فقد أعطو من قبل لترغيبهم في الثبات علي الإسلام وهم رؤساء قومهم فإن ثبتو ثبت القوم علي الإسلام أما وقد مرت السنون وتغيرت الأحوال وتمكن الإسلام من قلوب قوم هؤلاء فلا حاجة لذلك فهناك مصارف للزكاة هي أولي وأحق فوجة عمر هذا النوع من الصدقات ليطبق علي أهل البلاد المفتوحة حديثا ومنع كل من أعطاهم النبي وأبوبكر في الماضي فأصاب المراد من الأية....هل تدرك سيدي القاريء أن عمرا بذلك قد خالف كلية ظاهر النص القرأني؟؟؟؟ولكنة طبق روح الإسلام بإعمال العقل اللذي لا يخالف المعني الحقيقي لأسباب وتوقيت نزول النص الفرأني وعلي حسب ماتقتضية المصلحة العامة.....تخيل أن فعلا كهذا قد جرت وقائعة في زماننا هذا فماذا نطلق علي عمر؟؟؟؟
موقفة من ما غنمة المسلمون من أراضي في البلاد المفتوحة:
يقول اللة تعالي بسم اللة الرحمن الرحيم ((إعلمو أنما غنمتم من شيء فأن للة خمسة وللرسول ولذي القربي واليتامي والمساكين وإبن السبيل)) كلمة الغنيمة هنا عامة تشمل السلاح والمال والسبايا والأرض وقد قسم النبي أرض خيبر بين المقاتلين وهكذا جرت العادة فلما توسعت الفتوحات الإسلامية وأصبحت الدولة الإسلامية مترامية الأطراف كرهت نفس عمر تقسيم الأراضي بين المقاتلين ورأي أن يتركها لأهل البلد المفتوحة ولعامة المسلمين يدفعون نظير ذلك خراجا أو ضريبة تدفع إلي بيت مال المسلمين وأجاز غير الأراضي من سلاح أو سبايا أو مال تم الحصول علية في أرض المعركة ووجهة نظرة في ذلك أنة سوف يقسم الأرض علي فئة وعدد محدود من الناس فماذا يتبقي للأجيال القادمة من ثروات وفرص وكيف يغطي نفقات حماية الثغور ونفقات الجند في البلاد المفتوحة والأرض قد إمتلكها الناس لا يستطيع إجبارهم علي دفع جباية أو ضريبة بحكم الشرع؟؟؟وشتان بين مساحة الأراضي الصغيرة نسبيا التي غنمها المسلمون في عهد النبي وعهد أبي بكر وبين الأراضي المترامية الأطراف التي فتحت في عهد عمر فقد كبرت الدولة وتوسعت ولابد من نظام جديد يحفظ للدولة وللأجيال القادمة بعض الحقوق وأن لا تتحول الدولة لمجموعة من الإقطاعيين يملكون كل شيء في مقابل غالبية مقهورة فقيرة....عزم عمر أمرة وشاور الصحابة فلاقي معارضة شديدة من كثير من الصحابة وخاصة عبدالرحمن بن عوف وبلال بن رباح والزبير بن العوام ووافقة فريق أخر ولم يسترح الفاتحون إلي المشاورات الدائرة حول ذلك الأمر وقالو(أتقف ما أفاء اللة علينا بأسيافنا علي قوم لم يحضرو) بل وإتهمو عمر بالظلم ومخالفة كتاب اللة وسنة نبية وعبثا حاولو إثنائة عن ذلك وعمر معهم يجادلهم ويؤيد رأية بالحجة والبرهان...وفي النهاية أصرعمرعلي تنفيذ هذة السياسة الجديدة وأظنك سيدي القاريء تدرك مردودها الطيب....فمرة أخري يخالف عمر ظاهر النص القرأني لما فية المصلحة العامة بما لا يخالف تطبيق ذلك النص وقت نزول الأية ونقطة أخري مهمة أنة بذلك يأتلف قلوب أهل البلد المفتوح بترك أراضي بلدهم ملكا لهم مطبقا ماسبق أن منعة عن عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وذلك قمة الفهم للمراد من الأية الكريمة التي تحدثنا عنها في الفقرة السابقة.....فهل ياتري لو تم هذا الفعل من مخالفة ظاهر النص القرأني بهذة الجرأة في زمننا فما اللذي كنا سنطلقة علي عمر؟؟؟؟؟؟ زنديق؟؟؟كافر؟؟؟مخالف لأمرإلهي؟؟؟مبتدع؟؟؟يمنع ما أحل اللة؟؟؟؟ جاهل؟؟؟مرتد؟؟؟دمة حلال؟؟؟؟ إن الإسلام كان وسيظل دين الحجة والبرهان والمنطق لا دين الجمود وهكذا كان درب عمر
موقفة من يمين الطلاق:
من المعروف أنة يحق للرجل مراجعة المرأة بعد تطليقتين أما وقد طلقها الثالثة فلا تحل لة حتي تتزوج من رجل أخر يقول تعالي ((الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)) ثم قال ((فإن طلقها فلا تحل لة من بعد حتي تنكح زوجا غيرة)) وكان الرجل يطلق إمرأتة ثلاث طلقات في واحدة فيقول أنت طالق ثلاثا فكان النبي ومن بعدة أبوبكريحسب ذلك طلقة واحدة تقديرا لظروف الغضب الحاضرة في مثل هذة المواقف.....ولكن بعد كثرة الفتوحات الإسلامية إختلط العرب بنساء حسناوات من الشام وبلاد فارس وإفتتنو بهم فكان الرجل يطلق زوجتة إرضاء للرومية أو الفارسية بثلاث طلقات في طلقة واحدة كدليل علي الحب والهيام وهو يضمن مراجعتها فيما بعد فلاحظ عمر ذلك ورأي فية مهانة للمرأة المطلقة فليست هذة المرأة لعبة في يد الرجل يحلف عليها ثلاثا في طلقة واحدة وهو يضمن أنها ستحسب طلقة واحدة فأفتي بوقوع ثلاث طلقات إن فعل الرجل ذلك فلا تحل لة المطلقة حتي تنكح زوجا غيرة صيانة لكرامة المرأة ولأن الطلاق ليس لعبة في يد الرجل يستخدمة حيث شاء وهي نفس حكمة مشروعية نزول الأية السابق ذكرها..هل تلاحظ سيدي مخالفة عمر لسنة النبي في ذلك؟؟؟؟هل تلاحظ أنة قاس الأمر بناء علي حكمة المشروعية من  نزول الأية؟؟؟هل تدرك أنة خالف ظاهرا سنة النبي ولكنة أصاب المعني المراد من التشريع ككل......سعيدة أنت سيدتي القارئة بإجتهاد عمر في هذة النقطة أليس كذلك؟؟؟؟
تعطيل الحدود:
وهذا من الإجتهادات العمرية الرائعة التي يسجلها التاريخ بكثير من الإجلال والإكبار..فها هو عمر الغليظ الشديد يفيض رقة ورحمة بالناس ففي عام المجاعة منع حد السرقة وأخر جمع الزكاة حتي تنقضي المحنة فبأي حق تقطع يد من سرق ناجيا بحياتة من الموت جوعا؟؟؟وبأي حق تؤخذ الزكاة ممن لا يستطيع توفير قوت عيالة أصلا  ومن ذلك إسقاط حد الزنا عن من أكرهت علي ذلك لخوف أو عجز عن المقاومة وكانو لا يفرقون بين الزانية والمغتصبة والمهددة فبأي حق يقام عليها الحد؟؟؟ ولو كان عمر متحجر الفكر كالكثيرين في زماننا هذا لهلك بسببة الكثير من الرعية
وقفات مع سمات الشخصية العمرية:
الناس كأسنان المشط:
دائما ما كان عمر يبلغ ذروة الغضب والبطش إذا ما تعالي أحد علي غيرة من الناس بسبب سلطتة أو مالة مستغلا ضعف خصمة وقلة حيلتة فكان يقتص للمظلوم مهما علا شأن الظالم  وكان يزيد في توبيخ الظالم وتعنيفة حتي يكاد الناس أن يطلبو لة الرحمة شفقة بة من بطش عمر وتقريعة فمن ذلك ما حدث مع محمد بن عمرو بن العاص  إبن والي مصر فقد أقيم سباق للخيل في مصر واختلف محمد  بن عمرو ومصري علي أحقية الفوز بالسباق وتشاحنا فغضب محمد بن عمرو وضرب المصري بالسوط قائلا (خذها وأنا إبن الأكرمين) ولم يستطع المصري رد الإساءة فشعر بالظلم وبالقهر وكانت أخبار الخليفة العادل قد ملأت الأفاق ففكر المصري في الرحيل إلي المدينة طمعا في عدل عمر إن صحت الأقوال التي يتناقلها الناس عنة فوصل المدينة وقابلة الفاروق فغضب عمرا غضبا شديدا وأرسل في طلب عمرو وولدة فلما قدما المدينة دخلا المسجد فنادي عمر علي المصري قائلا (دونك الدرة إضرب بها إبن الأكرمين) والدرة هي عصا عمر فضرب المصري محمد بن عمرو حتي أوجعة وطابت نفسة بتحقيق القصاص ولم يكتف عمر بذلك وقال للمصري (ضعها علي صلعة عمرو فواللة ما ضربك إلا بفضل سلطان أبية) فرفض المصري قائلا إنما ضربت من ضربني فقال عمر (أما واللة لو ضربتة ما حلنا بينك وبينة) ثم إلتفت إلي عمرو وقال عبارتة الخالدة (يا عمرو متي تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)....ومن ذلك أيضا قصة جبلة بن الأيهم وكان أميرا نصرانيا من أمراء الشام ملكا علي قومة أسلم بعد فتح الشام وكان يؤدي فريضة الحج مع عمر فأثناء طواف جبلة وطيء أعرابيا إزارة فإختل توازن جبلة وإلتفت إلي الأعرابي ولطمة علي وجهة علي ملأ من حجاج بيت اللة وإشتكي الأعرابي مظلمتة لعمر فقضي عمر بأن يلطم الأعرابي جبلة علي الملأ فذهل جبلة وقال لعمر(وكيف ذلك وهو سوقة وأنا ملك؟؟؟قد ظننت أنني في الإسلام أعز مني في الجاهلية ) فقال عمر(إن الإسلام جمعك وإياة فلست تفضلة بشيء إلا بالتقي) وإقتص عمر للرجل.... وفي دمشق شرب جماعة من علية القوم خمرا منهم عمرو بن معد بن يكرب وأبا جندل وسألهم أبوعبيدة أمير الشام في ذلك فأقرو وتفلسفو قائلين إن اللة خيرنا بين شربها وعدم شربها إذ قال (فهل أنتم منتهون) ولم يعزم النهي فبعث أبو عبيدة إلي عمر يستشيرة في ذلك فكتب عمر إلية قائلا (إجمعهم علي رؤوس الأشهاد وإسألهم سؤالا لا تزيد علية ولا تنقص أحلال الخمر أم حرام؟؟ فإن قالو حرام فلتجلدهم وإن قالو حلال فلتضرب أعناقهم) فتابو عن ذلك وجلدو فكيف يقيم عمر حد الخمر علي العامة ثم يتردد إذا شرب الخمر شريف لا ليس ذلك من شيم عمر....ومن ذلك شكاية رجل من بني مخزوم أبا سفيان بن حرب كبير بني أمية وسيد قريش في الجاهلية ذو الجاة والكبرياء والشرف حيث إختلفا علي ترسيم الحدود بين أرضين يمتلكانها فنظر عمر وعرف صحة الدعوي وصدق الشاكي فنادي أبا سفيان قائلا (خذ يا أبا سفيان هذا الحجر من هنا فضعة هنا) تصحيحا للحد الفاصل بين الملكيتين) فنفر أبوسفيان من ذلك وظهرت علي ملامحة علامات الضيق والرفض فغضب عمر وهم أن يضربة  بالدرة وهو يقول (خذة فضعة ها هنا فإنك ما علمت قديم الظلم) فإمتثل أبوسفيان مرغما ونقل الحجر إلي مكانة السابق ونظر عمر لأبي سفيان كبير مكة وسيد قريش في الجاهلية وهو يذعن لأمرة فحمد اللة اللذي جعلة يأمر أباسفيان في شعاب مكة فيمتثل لما أمر ...  أما عمر نفسة فكان يقارن نفسة دائما بعامة المسلمين لا تطيب نفسة إذا علا عليهم في المأكل أو في الملبس أوفي المشرب ففي عام المجاعة وكان الناس لا يطعمون لحما أو سمنا أو زيتا حرم علي نفسة هذة الأطعمة وحلف أن لا يذوقها إلا إذا ذاقها عامة المسلمين فهذل جسمة وإصفر لونة حتي قال الناس (لو لم يرفع اللة المحل عام الرمادة لظننا أن عمر يموت هما بأمر المسلمين) وكان عمر يقول في تلك الظروف الصعبة (كيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يمسني ما يمسهم؟؟)...فما أعظمها من حكمة صدرت من رجل قد إجتمع لة ملك كسري وقيصر وهو بين الرعية كواحد منهم يلبس ما يلبسون ويأكل مما يأكلون فهو مجرد سن من أسنان المشط لا يعلو علي من يجاورة من سنون ...مثير للإعجاب أليس كذلك؟؟؟؟......
إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا:
كان عمر يمقت المتكبرين والمعتدين بأنفسهم فخرا وخيلاء فمن ذلك أنة قدم الشام راكبا حمارة  فقابلة عاملة معاوية بن أبي سفيان وعلية فاخر الثياب في موكب عظيم من الخيل المطهمة تحيط بة حاشيتة من الجنود والحجاب....وهذا من المناظر الغريبة فخليفة المسلمين عمر الفاتح العظيم يمتطي حمارا يسافر بة من المدينة إلي الشام لا تسعدة بهرجة المواكب ولا كثرة الحجاب والحراس ويتأذي جسدة لو ركب فرسا يهتز بة يمينا ويسارا في خيلاء ويستقبلة عاملة معاوية بكل هذا البذخ والترف فلو إفترضنا وجودك هناك سيدي القارئ وأنت لا سابق لك بمعرفة عمر ومعاوية فإنك ستسلم علي معاوية بالخلافة لأن الظاهر يقتضي ذلك ولن تلتفت إلي عمر أصلا...  فلما رأة معاوية نزل من علي فرسة وسلم علية بالخلافة فولي عمر وجهة بعيدا عنة ولم يرد علية السلام ومضي في طريقة فكلمة عبدالرحمن بن عوف وقال لة يا أمير المؤمنين أتعبت الرجل فلو كلمتة؟؟؟؟ فإلتفت إلي معاوية وسألة إنك لصاحب الموكب اللذي أري؟؟؟ قال معاوية نعم فقال عمر مع شدة إحتجابك ووقوف ذوي الحاجات ببابك؟؟؟؟ قال نعم فقال عمر ولم ويحك؟؟؟؟ وهنا أنقذ معاوية دهائة فقال لأننا ببلاد كثر فيها جواسيس العدو فإن لم نتخذ العدة والعدد إستخف بنا وهجم علينا وأما عن الحجاب فإنا نخاف جرأة الرعية وإستخفافهم بنا وأنا بعد عاملك فإن إستنقصتني نقصت وإن إستزدتني زدت وإن إستوقفتني وقفت فقال عمر ما سألتك عن شيء إلا خرجت منة فإن كنت صادقا فإنة رأي لبيب وأن كنت كاذبا فإنها خدعة أريب (خدعة شخص شديد الذكاء) لا أمرك ولا أنهاك...وقد كان معاوية أريبا بلا شك وبلغ بذلك الدهاء كرسي الخلافة فيما بعد.....ومن ذلك موقفة من خالد بن الوليد بعد الخلاف الشهير بين عمر وأبي بكر حول عزل خالد وهذا سوف سنفرد لة موضوعا خاصا بة في قسم التحقيقات إن شاء اللة ولكن يعنينا هنا موقفة من إعجاب خالد بنفسة حين دخل المسجد بعد إستدعاء أبو بكر لة لمواجهتة بما يأخذة علية عمر فدخل وعلية ثياب فاخرة وقد غرس في عمامتة مجموعة من الأسهم للمباهاة والتفاخر فلم يطق عمر ذلك فنزع العمامة وحطمها..... وقد علم عمر أن عمرو بن العاص يتكئ في مجلسة فكتب إلية (وقع إلي أنك تتكئ في مجلسك فإذا جلست فكن كسائر الناس ولا تتكئ)...وقد سمعة أنس بن مالك وعمر لايدري بة وبينهما جدار يقول (عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ بخ واللة لتتقين اللة أو ليعذبنك) فها هو يوبخ نفسة ويستصغر مكانتة ويري كرسي الخلافة لا قيمة لة ولن يغني عنة من اللة شيئا إن لم يجتهد في تقواة.... وحمل يوما قربة علي عاتقة فنهاة من حولة فأجاب قائلا (إن نفسي أعجبتني فأردت أن أذلها).....وعمر الفاتح العظيم لم يتخذ لنفسة قصرا يدير منة شئون الحكم كغيرة وظل طيلة حياتة يتخذ من مسجد النبي البسيط بسعفة ونخيلة مقرا للحكم والإدارة وفي الوقت اللذي كان فية كل الملوك والزعماء داخل قصورهم المترفة ينعمون بلذات الحياة وطيبها ولا يزالون ويحول الحجاب والحراس بينهم وبين رعيتهم ولا يزالون كان عمر في مسجد النبي بين جذوع النخل وتحت السعف محاطا بالرعية غير معزول عنهم  ولا عجب فلن تجد في صدر عمر مثقال ذرة من كبر أو زهو ومتاع الدنيا لا يشغلة.......مثير للإعجاب أليس كذلك؟؟؟؟
رحماء بينهم:
ظهر الجانب الخفي من شخصية عمر بعد إستخلافة ففاض رحمة ورقة وحنانا بالرعية فمن كان يصدق أن هذة الشخصية الجادة الشديدة الغليظة سوف تنفجر رقة ورحمة بالضعفاء والفقراء والمحتاجين وكتب السير ملئي بعشرات الأخبار اللتي تتحدث عن هذا فمن ذلك قصتة الشهيرة مع أم الصبية الجياع التي تغلي الماء لتسكتهم حتي ينامو فمر بهم عمر وغلامة أسلم فسألها عمر عن ذلك فقالت اللة بيننا وبين عمر..فقال رحمك اللة وما يدري عمر بهم؟؟...قالت..يتولي أمرنا ثم يغفل عنا؟؟؟...فإرتعدت فرائص عمر من هول ما رأي وسمع فإنطلق من عندها مهرولا ومن وراءة غلامة أسلم حتي وصلا دار الدقيق فأحضر كيسا من الدقيق وكبة من الشحم وقال لأسلم إحملة علي....فقال أسلم أنا أحملة عنك....فقال عمر أنت تحمل عني وزري يوم القيامة لا أم لك...وإنطلقا حتي وصلا عند المرأة ووضع عمر الدقيق في القدر وألقي علية الشحم وجعل ينفخ في النار تحت القدرحتي خرج الدخان من خلال لحيتة فطبخ لهم ثم غرف الطعام وجعل يبردة لهم حتي شبع الأطفال وأمهم والمرأة تقول له جزاك اللة خيرا كنت بهذا الأمر أولي من عمر...وهي لا تدري أنة عمر..ومن ذلك قصتة مع اليهودي الفقير اللذي يسأل الناس ليستطيع أن يؤدي ما علية من الجزية فأخذة عمر من يدة وذهب بة إلي بيتة وأعطاة حاجتة وأرسل في طلب خازن بيت المال وقال لة إنظر هذا وضرباءة فواللة ما أنصفناة أكلنا شبيبتة ثم نخذلة عند الهرم....فوضع عمر عنة وأمثالة تأدية حق الجزية وجعل لهم صدقة من بيت المال...وشوهد وهويضرب رجلا بالدرة ويزجرة لأنة يحمل جملة مالا يطيق....وقد فرض عمر لكل لقيط 100 درهم من بيت المال وجعل لكل مولود مسلم قد بلغ الفطام نصيبا من بيت المال...وسمع يوما صراخ رضيع فذهب لأمة وقال لها...إتقي اللة وأحسني إلي صبيك ثم تركها فما لبث الصبي أن عاد إلي الصراخ بعد قليل فعاد إليها وكرر قولتة ثم تركها فسمع صراخ الصبي أخرالليل فذهب إليها مغضبا وقال ويحك إني لأراك أم سوء فأخبرتة بأنها منعت وليدها من الرضاعة لترغمة علي الفطام ولم يبلغ السن بعد لأنها محتاجة لنصيبة من بيت المال فإرتاع عمر وأنب نفسة قائلا بؤسا لعمر كم قتل من أولاد المسلمين... وأمر منادية فنادي لا تعجلو أولادكم عن الفطام فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام... وكان دائما ما يلتمس العذر للمخطئ ولا يعجل بالعقوبة فكان يقول (أعقل الناس أعذرهم للناس)
مسئول عن رعيتة:
إن مفهوم عمر للمسئولية عجيب فهو يري أنة مسئول عن كل شيء إستطاع أن يفعلة بنفسة دون توكيل لأحد بفعلة مهما صغر ذلك الأمر وكان يقول (واللة لا يحضرني شيء من أمركم فيلية أحد من دوني)..فتراة في وسط إنشغالة بأمور الفتح ومحاسبة الولاة وسن القوانين وقضاء الحوائج ورفع المظالم ينطلق عدوا إلي ظاهر المدينة فيراة علي بن أبي طالب فيسألة إلي إين يا أمير المؤمنين؟؟؟فيجيبة وهو مايزال يجري...قد ند بعير من إبل الصدقة فأنا أطلبة!!! فتعجب علي ولة كل الحق فقال قد أتعبت الخلفاء من بعدك يا عمر.... وأي عجب سيدي القاريء فعمر أعظم حكام الأرض في ذلك الحين محطم الإمبراطورية الفارسية والرومانية يجري وراء بعير فقد من إبل الصدقة مخافة أن يسألة اللة عنة يوم القيامة فأي إحساس بالمسئولية وأي شعور بالتبعات!!!!! وكان عمر يحصي  أموال الولاة قبل توليهم المسؤلية فإذا زادت زيادة تثير الشبهة رد هذة الزيادة إلي بيت المال وقد إحتج بعضهم علي ذلك وبين أن زيادتة بسبب التجارة فقال لهم عمر...إنما بعثناكم ولاة ولم نبعثكم تجارا....وكان عمر لا يكتفي في إدارة شئون ولايات الدولة بالمكاتبات والمراسلات بينة وبين الولاة بل كان حريصا علي أن يلتقي بهم وجها لوجه فجعل موسم الحج كل عام ميقاتا للمواجهة والمسائلة فيجتمع إلية كل أمراء الولايات فيسمع من الرعية ثم يسمع من الولاة ثم يواجة الولاة بالشكايات والمظالم فيعزل من يعزل ويولي من يولي ويثبت من يثبت ثم يوجة الولاة وينصحهم ويتابع تنفيذ السياسات العامة للدولة وجها لوجة...فأي جهد هذا وأي حرص يا عمر!!!! ولم يكتفي بذلك ففي أواخر أيامة كان قد عزم علي المسير في سائر أقطار الإمبراطورية يتفقد أخبارها بنفسة فيقيم المعوج ويعدل المائل فقال (لإن عشت إن شاء اللة لأسيرن في الرعية حولا كاملا فإني أعلم أن للناس حوائج تنقطع دوني أما عمالهم فلا يرفعونها إلي فأما هم فلا يصلون إلي فأسير إلي الشام فأقيم بها شهرين ثم أسير إلي الجزيرة فأقيم بها شهرين ثم أسير إلي مصر فأقيم بها شهرين ثم أسير إلي البحرين فأقيم بها شهرين ثم إلي الكوفة فأقيم بها شهرين  ثم إلي البصرة فأقيم بها شهرين واللة لنعم الحول هذا) ولكن عمر لم يطل بة الأجل ليحقق أمنيتة....
والأخرة خير وأبقي:
إن عمر أمن بالإسلام علي أحسن وأتم ما يكون الإيمان وطبق ذلك علي نفسة وأهلة علي أحسن مايكون والإسلام دائما يذم الدنيا ويبغضها فكذلك كان عمر وقد صاحب عمر النبي علية السلام سنوات طويلة فعلم مأكلة ومشربة وشاهد بأم عينية نصيبة من متاع الدنيا  ورأي النبي بعد أن ظهر علي العرب جميعا وتدفقت الأموال بين يدية ظل كما هو لم يتغير ما زادة ذلك إلا زهدا في الدنيا وعزوفا عنها وصاحب أبو بكر سنوات طويلة وعلم من أبي بكر ما علمة من النبي فكرهت نفسة أي متاع يزيد علي متاع النبي وأبي بكر فكيف يعلو عليهما في متع الحياة ..كيف يأكل طعاما يعلو علي ما كان يأكلة النبي أو يلبس ثيابا يعلو بها فوق ثياب النبي؟؟؟؟؟ وكان إذا خطب علي منبر النبي ترك الدرجتين العلويتين ووقف علي الثالثة فعلي الأولي كان يخطب النبي وعلي الثانية كان يخطب أبوبكر وهو يعلم أنة دونهما منزلة عند اللة فظل بسيطا سائرا علي درب صاحبية كارها للدنيا راغبا في الأخرة ولم يؤثر فية ما إنكشف من متاع الدنيا بعد كثرة الفتوحات وتدفق أموال كسري وقيصر بين يدية ...وقد حدد عمر لنفسة مقدار نفقتة من بيت المال فقال((أنا أخبركم بما يحل لي..يحل لي حلتان حلة في الشتاء وحلة في القيظ وما أحج علية وأعتمر من الظهر(أي دابة يركبها) وقوتي وقوت أهلي كقوت رجل من قريش ليس بأغناهم ولا بأفقرهم ثم أنا بعد رجل من المسلمين يصيبني ما أصابهم))....وكان يقول (أنزلت مال اللة مني بمنزلة مال اليتيم فإن إستغنيت عففت عنة وإن إفتقرت أكلت بالمعروف)....إن أعظم رجل في العالم مكانة يومئذ يلبس طوال العام ثوبين لا يغيرهما وهو في مأكلة ومشربة كعامة الناس ثم هو علي إستعداد للتنازل عن راتبة إذا إستطاع ذلك  فأي ملك هذا وأي خليفة؟؟؟؟؟؟ 
إستشهاد عمر:
لقي عمر ربة في عمر الثلاثة وستين سنة في ذي الحجة عام 23 هجرية بعد أن طعنة أبولؤلؤة المجوسي الفارسي غلام المغيرة بن شعبة اللذي أسر في معركة نهاوند إنتقاما لما فعلة عمر والمسلمين بالفرس....طعنة أبولؤلؤة في صلاة الفجر بعد أن كبر تكبيرة الإحرام بثلاث طعنات قاتلة وحمل عمر جريحا إلي بيتة مغشيا علية حتي ظهر الصبح فأفاق وكان أول ما سأل عنة الصلاة فقال أصلي الناس قالو نعم فقال لا إسلام لمن ترك الصلاة ثم سأل عن قاتلة فلما علم قال الحمد للة اللذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند اللة بسجدة سجدها لة ما كانت العرب لتقتلني...ثم أتي الطبيب فسقاة لبنا فخرج من جرحة أبيضا لم يتغير لونة فعلمو أنة ميت لا محالة ونصحة الطبيب بأن يستخلف...وكان الإختيار عصيبا علي عمر وهو اللذي إشتهر بحسن الإختيار وسرعة حسم الأمور فلم يجد عمر رجلا يعهد إلية بالخلافة وهو علي يقين بأنة الأنسب والأفضل فتمني أن يكون سالم مولي أبي حذيفة أو أبوعبيدة بن الجراح أمين الأمة علي قيد الحياة فيولي أحدهما غير متردد أو متشكك... ثم إستقر علي حصر الخلافة بين نفر توفي النبي علية السلام وهو عنهم راض وهم عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد اللة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص فيكون الأمر شوري بين المسلمين يختارون أيهم شاءو وفي خضم ذلك قال لة رجل يا أمير المؤمنين فأين أنت من عبد اللة بن عمر؟؟؟ يريد من عمر أن ينصب ولدة خليفة فغضب عمر وعنف الرجل قائلا قاتلك اللة واللة ما أردت اللة بهذا....ولكن عمر أبي أن يكون الأمر ملكا عضودا يورث وإنما ينبغي أن يكون الأمر شوري وحتي لو كان عبد اللة بن عمر يصلح للولاية لم يكن عمر ليفعل ذلك فماذا يقول إذا سئل يوم القيامة عن ذلك وفي المسلمين من هو أصلح لهذا الأمر وأجدر؟؟؟؟.....فرغ عمر من أمر الدنيا فتوجة إلي ما يشغلة من أمور الأخرة فكلف عبد اللة بن عمر بسداد ديونة  وأوصي أهلة بأن لا يغسلوة بمسك كما يفعل علية القوم وأن يقتصدو في كفنة وأن لا يزكوة بما ليس فية ثم إستئذن أم المؤمنين عائشة في أن يدفن بجانب النبي وأبي بكر وكانت عائشة قد أرادت هذا المكان لنفسها ولكنها أثرت عمر بذلك لما له من مكانة في قلبها وقلوب الرعية جميعا....وكان في سكرات موتة يقول (إن من غرة عمرة لمغرور واللة لوددت أني أخرج منها كما دخلت فيها لا علي ولا لي) ثم فاضت روحة إلي بارئها وهو يقول (ويلي وويل أمي إن لم يغفر اللة لي)... غسل عمر وكفن وحمل إلي المسجد ووضع بين قبر النبي ومنبرة وصلي علية صهيب ثم دخلو بة حجرة رسول اللة صلي اللة علية وسلم فأنزلوة ووضع رأس عمر عند مستوي كتفي أبوبكر وكان رأس أبو بكر قد وضع عند مستوي كتفي النبي علية السلام وقد بكي سعيد بن زيد بكاء شديدا عند موت عمر وسعيد من السابقين الأولين ومن العشرة المبشرين بالجنة ولم يكن يبكي علي عمر فلما سئل عن ذلك قال ...علي الإسلام أبكي إن موت عمر ثلم في الإسلام ثلمة لا ترتق إلي يوم القيامة ..... وبالفعل كان الخلاف حاضرا بين المسلمين بأسرع  من ما توقع زيد فبعد مقتل عثمان دارت الحرب الأهلية بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وتمزقت الوحدة الإسلامية ثم ضاعت الخلافة الراشدة القائمة علي مبدأ الشوري لتتحول إلي ملكا عضودا يورث فأصبحت كل مقوماتك لأن تغدو خليفة هو أن تكون إبن الخليفة  فمن بني أمية لبني العباس وسلسلة طويلة حتي الخلافة العثمانية شهد الإسلام خلال ذلك إنتصارات وإنتكاسات ولكنة لم يشهد علي مر تاريخة إنطلاقة مدوية كالتي حدثت في خلافة عمر فجيوش المسلمين كانت تحل ظافرة أينما نزلت وسادت العالم في سنوات قليلة محطمة أمم تليدة سادت العالم من قبلها مئات السنين.... رحم اللة عمر
خاتمة:
 يقول الكاتب الكبير عباس محمود العقاد أنة شعر بحرج شديد عند تأليف كتابة عبقرية عمر لأن الناس تعودو من الكتاب المنصفين وهو واحد منهم دون شك علي أن ينتقدو الشخصية التي يكتبون عنها ويبرزو سلبياتها وأخطائها كما يجتهدون في إظهار الحسن من أعمالهم وإلا كانو مغالين ومتحيزين ومعجبين ويقول العقاد (فالحق أني ما عرضت لمسألة من مسائلة التي لغط فيها الناقدون إلا وجدتة علي حجة ناهضة فيها ولو اخطأة الصواب وإن أعسر شيء أن تحاسب رجلا كان أشد أعدائة لا يبلغون من عسر محاسبتة بعض ما كان يبلغة هو من محاسبة نفسة ويعلم اللة أني لو وجدت شططا في أعمالة الكبار لكان أحب شيء إلي أن أحصية وأطنب فية وأنا ضامن بذلك أن أرضي الأثرة وأرضي الحقيقة ولكني أقولها بعد تمحيص لا مزيد علية في مقدوري إن هذا الرجل العظيم أصعب من عرفت من عظماء الرجال نقدا ومؤاخذة).....وخلاصة القول في عمر في رأيي وأكررها للمرة الثالثة في هذة الدراسة المتواضعة هو أنة أمن برسالة الإسلام علي أحسن ما يكون الإيمان وطبقها علي نفسة وعلي الرعية كأحسن ما يكون التطبيق العملي فتلاقت خصائص عمر الحميدة مع خصائص الإسلام وسماتة فهذب الإسلام عنفوانة وشدتة وحماها بحمي القرأن وسنة النبي فإصطبغ عمر بصبغة الإسلام وبلغ بذلك ذروة المجد وسنامة.... والكثيرين يؤمنون بأن النموذج العمري غير قابل للتكرار ويترحم الجميع علي أيام خلافتة ويقولون لو أن عمر بن الخطاب حي لكان قد فعل كذا وكذا...والحقيقة فإن الفضل فيما وصل إلية عمر يرجع لرسالة الإسلام نفسها مبادئها وأخلاقها ومعاملاتها ونبيها اللذي صاحبة عمر وكان أحب إلية من نفسة وولدة فلولا الإسلام لما كان عمر ...ولو لم يؤمن عمر لكان كل ما سيذكرة التاريخ عنة هو أنة كان من صناديد قريش عذب المسلمين وحسب شأنة شأن أبوجهل أو الوليد بن المغيرة فبالإسلام علا عمر وسطع نجمة في كتب التاريخ...مات عمر ولكن خصائص الإسلام وسماتة موجودة وحية وباقية وصبغتة حاضرة دائما لمن يريد أن يصطبغ بها ولكن علي مر القرون من بعد عمر وحتي كتابة هذة السطور لم تلتقي خصائص الإسلام وسماتة بصدق إيمان كإيمان عمر ولا تطبيق عملي للرسالة كما طبقها عمر ولا شخصية خصائصها عظيمة كما كان عمر ويوم أن يحدث ذلك سوف يكون لدينا عمر جديد.....

المراجع:
عبقرية عمر...عباس محمود العقاد
الفاروق عمر....محمد حسين هيكل
فصل الخطاب في سيرة إبن الخطاب....محمد علي الصلابي











































Tags:

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)