مواطن في مصلحة المرور

2

صباح الخير زميلي المواطن...
كان يوما حارا في أواخر شهر مايو يوم أن إستجمعت قواي أخيرا وقررت الذهاب إلي مصلحة مرور الدقهلية كي أجدد رخصة السيارة. هذا وقد مرت ثلاثة سنوات كاملة علي أخر مرة قمت فيها بزيارة مصلحة المرور. أنا أتذكر جيدا كم عانيت في أخر مرة تواجدت فيها هناك.تمنيت وحلمت أن تكون الأحوال قد تغيرت إلي الأفضل بحكم التغيرات السياسية التي حدثت في البلاد لعل وعسي!!!

في اليوم السابق علي ذهابي إلي هناك قضيت اليوم في جمع معلومات إستخباراتية عن إجراءات التجديد إتصلت بكل من أعرف وأجريت بحوثا مضنية عن طريق عمو google كي أكون مواكبا لأخر التحديثات. فأنا غير مستعد إطلاقا لنسيان مستند ما فأعود بخفي حنين إلي بيتي ثم أعاود الذهاب مجددا في اليوم التالي... فيوم واحد يكفي يا زميلي كي تحترق أعصابي  ويوم أخر إضافي قد يقضي علي حياتي..... 

إتفقت مع صديق لي علي الذهاب سويا فهو أيضا سيقوم بتجديد رخصة سيارتة... فما أحوجك زميلي المواطن إلي صحبة تخوض بمؤانستها غمار هذة المعركة المضنية....ذهبنا إلي المكان اللذي أعرفة مسبقا من المرة السابقة وهو طريق ممهد علي جانب طريق شارع الجيش... فلمن نجد هناك أي مظهر من مظاهر الفحص فقد إختفي طابور السيارات من المكان أين ذهب الجميع؟؟؟؟

علمنا أن مكان الفحص قد تغير وتم وصف المكان الجديد لنا... ولما شارفت علي الوصول إلي المكان ساورني الشك فالمكان تهب من براثنة عاصفة ترابية ضخمة ولا أجدع عاصفة ترابية فوق كوكب المريخ!!! لعلة مقلب قمامة وتم وصف المكان بالخطأ؟؟؟؟ أغلقت زجاج السيارة وخضت وصديقي من أمامي غمار هذة العاصفة حتي وصلت إلي مركز الإعصار اللذي عادة ما يكون هادئا فإنكشفت أمام عيني ساحة ترابية مترامية الأطراف بها مئات السيارات وشاهدت مؤخرة طابور السيارات اللذي كان يتفرع إلي سبعة أو ثمانية طوابير ثم يضيق تدريجيا إلي أن يصل إلي طابور من سيارتين عند الحواجز التي وضعها رجال المرور.تتبعت ببصري طابوري السيارات بعد الحواجز فإذا هو يتلوي كالثعبان ممتدا إلي ما يقترب من 500 متر وأخيرا تمكنت من رؤية ضابط المرور في المقدمة وهناك يندمج طابوري السيارات في طابور واحد!!!!!! وشاهدت عشرات المواطنين يركضون هنا وهناك يحملون قراطيسهم وأوراقهم وطفايات حريقهم... لقد كانو يتحركون في عشوائية وكأنهم جزيئات عمنا براون  يتوقفون فجأة فيسأل بعضهم بعضا ثم ترتفع الأيدي بالإشارة يمينا ويسارا أماما وخلفا ثم يعاودون الركض مرة أخري متساقطة من جباههم قطرات العرق من فرط المجهود المبذول في هذا الجو الملتهب الخانق

فكرت في أن أنسحب من المعركة وأن أعاود القتال في يوم اخر يكون أخف وطأة وزحاما من هذا اليوم العنيد... ولكني تذكرت كيف قضيت الليلة السابقة في هم ونكد لعلمي أنني ذاهب إلي المرور غدا وانا غير مستعد إطلاقا لقضاء مثل هكذا ليلة مرة أخري ثم ما يدريني لعل اليوم يكون أفضل من لاحقة ووقوع البلاء أفضل من إنتظارة بالتأكيد.. قمت بالوقوف في أحد الطوابير للقيام بشراء ملف الفحص ووصلت إلي الشباك بعد عناء فسألني الموظف ترخيص لمدة عام ام ثلاثة اعوام؟؟؟؟ فأجبتة كم اتمني لو أعطيتني ملفا يسمح لي بالترخيص مدة عشرون عاما فأنا لا أرغب بالقدوم هنا قبل مرور هذة المدة علي الأقل!!!!! فاجابني مقتضبا إية اللطافة والظرف إلي علي صباحية ربنا دي خلصنا يا سيدي سنة أم ثلاث .... فأجبتة بالطبع ثلاث سنوات .... فقال 320 جنية يا استاذ ...فصعقت من المبلغ!!!! فسألتة لماذا؟؟؟ هل من المعقول أن هذة الحفنة من الأوراق تساوي كل هذا المبلغ؟؟؟؟ فأجابني مغضبا خلاص ياسيدي بلاها ملف خالص يلا مين إلي بعدة فأجبتة بإذعان حنانيك ياسيدي لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا.....

 بعد ذلك كان علي أخوض أولي المعارك ضد زملائي المواطنين... يجب علي ان أخترق مؤخرة طابور السيارات اللذي يتفرع ذيلة إلي ثمانية صفوف كي أصل إلي حاجز القراطيس اللذي يؤدي إلي الطابورين الرئيسين ... إتخذت موقعي عند اقصر ذيول السيارات طولا وهناك كان البقاء للأرخم فكلما أجدت مهارة التلوي ما بين السيارات والتزنيق وتتضيق الخناق علي السيارات المجاورة كلما إقتربت بسرعة من منطقة الحواجز وسمعت عشرات الشتائم التي يتهم فيها زملائي المواطنين بعضهم بعضا بالغباء وقلة الذوق والجهل والتخلف وخلافة.. وأنا كمواطن محترم غير مستعد إطلاقا لتلقي مثل هكذا سباب!!!!!

فإلتزمت بمكاني... وبين البرهة والأخري كانت الحواجز تزال فجأة لتسمح بدخول سيارات من خارج جميع الطوابير فتخترق منطقة الحواجز دون أي قتال في معارك ذيول السيارات.. نظرت إلي مواطن زميلي في سيارة مجاورة متسائلا من هؤلاء؟؟؟؟ هل هم مستشارين؟؟؟ ضباط شرطة؟؟؟ حتي يسمحو لهم بالمرور بمثل هذة السهولة؟؟؟؟ ضحك زميلي المواطن قائلا يا عزيزي المستشارين والضباط وعلية القوم لا يخوضون مطلقا غمار هذة المعارك!!! وإنما تصلهم رخصة سياراتهم إلي باب المنزل وهؤلاء اللذين رأيتهم هم زملاء مواطنين أسعدهم الحظ في عقد إتفاق ما مع أمين شرطة ما أو أقارب ما لمستشار ما أو ضابط ما.... فيتسللون من طرق سرية معدة مسبقا فيصلون إلي المقدمة دون أي عناء.....

بعد عناء تمكنت من إختراق حاجز القراطيس المنيع بعد أن تجاوزتني العديد من سيارات زملاء مواطنين يتمتعون بالرخامة إلي حد بعيد.... وهناك خضعت لأولي الإجراءات إنة إجراء يتم فية الكشف علي صلاحية إطارات السيارة... لاحظت ان السيارة التي أمامي لم يتم فيها إطلاقا إجراء أي فحص للإطارات وإنما دفع الزميل المواطن الرسوم وإستلم إيصال الفحص دون أن يكلف الفاحص نفسة مشقة فحص الإطارات!!!! نظرت إلي إحدي عجلات سيارة زميلي المواطن الخلفية فأصابتني حالة من الذهول إذ أن عجلة سيارتة بها عدة إنتفاخات تبدو كبلالين صغيرة تطفو فوق سطح الكاوتش!!!!! يا إلهي إنها معرضة للإنفجار في أي لحظة إن هذا الزميل المواطن سيتعرض إلي كارثة لا محالة... ما فائدة فحص الإطارات إذن ؟؟؟؟ أهي لجمع النقود فقط لمصلحة المرور وفقط؟؟؟؟ نزلت من سيارتي و حاولت أن ألفت نظر الزميل المواطن إلي ذلك إلا أنة أشار لي بالسكوت في غضب شديد ثم دفعني بعيدا عن الفاحص وصرخ في وجهي قائلا ياسيدي إنت مالك أنا عارف إن العجلة بايظة وعاجباني جاي تعمل شوشرة وهتخليهم يجبروني أغير العجلة؟؟؟؟ خليك في نفسك أحسنلك إية البواخة دي؟؟؟...... فقلت لة مادامت تعجبك يا زميلي فهنيئا لك وأسف علي تدخلي... ركبت سيارتي وأنا ألعن نفسي وعزمت علي عدم التدخل في شئون غيري مرة اخري حتي ولو كان غيري سيهلك بسبب عدم تدخلي فلتذهب انت وسيارتك إلي الجحيم وستذهب حتما قريبا بعجلة سيارتك المهترئة أيها الجاحد المتطاول.....

 دخلت بسيارتي علي فاحص الإطارات وفي لمح البصر كان في يدي الإيصال وفي يدة النقود  دون أن ينزل ببصرة ليلقي ولو نظرة خاطفة علي إطارات سيارتي ثم رفع يدة مناديا علي السيارة التالية
قدت السيارة نحو الخطوة التالية ألا وهي أخذ بصمة الموتور والشاسية وبينما انا في طريقي إليها إذا برأس احدهم تدخل إلي سيارتي عنوة فتصنع حاجزا بيني وبين عجلة القيادة وتسد علي الرؤية !!!1 ضغطت فرامل السيارة بقوة قبل ان أصدم السيارة التي أمامي فإصطدمت الرأس بعجلة القيادة ..... ماذا تريدين  أيتها الرأس المتهورة؟؟؟؟ لماذا تقحمين نفسك داخل سيارتي هكذا دونما سابق إنذار؟؟؟؟ أجابت الرأس قائلة أريد أن ألقي نظرة علي طفاية الحريق هل مازالت صلاحيتها ممتدة؟؟؟؟؟ وكانت صلاحية الطفاية منتهية بالفعل فقال لي لابد ان تشتري طفاية جديدة عندي ب 200 وب 300 جنية ... إشتريت طفاية ب 200 جنية ...  علمت لاحقا أن هذة شركات خاصة ولست مجبرا علي الشراء منة بل يمكنني شراء طفاية من شخص غيرة ههههه ولكن إنظر إلي دخلة ضباط المباحث يصرخ في وجهك مقتضبا أرني تاريخ صلاحية الطفاية فأرتبك وانصاع إلي أوامرة كي لا تتعقد أموري وينجح هو في بيع بضاعتة هههه كم أنت لئيم يا بائع الطفايات!!!!!!!!

تم أخذ بصمة ماتور وشاسية السيارة دونما اية معوقات وكانت الشمس قد توسطت السماء وكان الجو حارقا رطبا... ولم يتبق إلا الوصول إلي ضابط المرور هناك في مقدمة طابوري السيارات...  لإثبات توقيعة الكريم علي أوراق الفحص... وفي الحقيقة تشرفت بعدة إمضاءات لأشخاص لا أعرف ماهيتهم قبل الوصول إلي الضابط ...وانا لا أدري واللة سر إعجابنا نحن المصريين بالتوقيعات فأية ورقة غير ذات قيمة لا بد أن تمطر بقذائف التوقيعات والأختام والدمغات حتي توشك معالمها علي الإختفاء ألا يكفيكم توقيع واحد بصحبة ختم واحد برفقة دمغة واحدة؟؟؟؟  فوجئت بهجوم تكتيكي من قبلهم يصرخون في وجهي لا أدري لماذا ؟؟؟ يطالبون بأوراق الفحص فيمهرونها بتوقيعهم ثم يعطونني الأوراق مرة أخري ثم يعاودون الصراخ مجددا مطالبين بسرعة تحرك السيارة وأنا لا أدري واللة أية سرعة يطالبونني بالتحرك بها وقد اوشكت سيارتي علي تقبيل مؤخرة السيارة التي أمامي!!!! وصلت إلي ضابط الفحص بعد مرور ساعة ونصف من الإنتظار داخل السيارة في هذا الجو الخانق حتي كاد أن يشتكي إلي محرك السيارة بعبرة وتحمحم من وقع سخونتة  .... اللة أكبر وللة الحمد حصلت أخيرا علي توقيع السيد الضابط  وتحررت  أخيرا من طوابير السيارات .... قمت بركن السيارة وبدأت مرحلة لا تقل عناءا ومشقة عن سابقاتها مرحلة كان يتوجب علي حمل أوراقي ومعداتي والركض بها هنا وهناك بين جموع المواطنين.... فمن أين أبدأ؟؟؟؟؟  سألت أحد زملائي المواطنين المهرولين فلم أتبين إجابتة بعد ان تخطاني فركضت بمحاذاتة قائلا يا سيدي ما هي الخطوة القادمة فأجاب في نبرة متقطعة بسبب الهرولة  إش إيشتري القرطاس وا.. وا ... شن.. شنطة الإسعافات وا.. وا.. المث المثلث!!!! سألتة من أي...أين.. يا...ياااا سيدي؟؟؟؟؟ فأشار بسبابتة إلي مكان ما توقفت ونظرت إلي إتجاة إشاراتة فإذا بتجمهر ما ..... ركضت نحو مكان التجمهر وفي الطريق إنضم إلي بضعة مواطنين بعد أن سألوني نفس ما سألت من قبل فلم أنبس ببنت شفة ولكن إرتفعت سبابتي في إتجاة التجمهر فلم اكن قادرا علي الكلام.....

كان يتوجب علي شراء قرطاس وشنطة إسعافات اولية وسترة عاكسة ومثلث.... بكم تبيعني هذة البضاعة يا سيدي هكذا سألت البائع؟؟؟؟؟
450 جنيها !!!!! ولكن ياسيدي أنا عندي كل هذة الأدوات في صندوق السيارة ولست بحاجة لها ؟؟؟؟؟ فأجابني قائلا حسنا يمكنك أن تحتفظ بها بالتأكيد ولكن هل معك إيصال بهذة المشتريات بتاريخ اليوم تستطيع إرفاقة مع الملف؟؟؟؟؟ فأجبت لا فهز رأسة بإعجاب من فرط سعادتة من وقع سطوع حجتة وبرهانة قائلا بدون الإيصال لن تري رخصتك النور!!! دفعت ال 450 جنيها مرغما في بضاعة لا تساوي 100 جنية علي أكثر تقدير...... ثم ركضت حاملا أدواتي بجانب أحد العدائين وبعد معاناة فهمت أن الخطوة القادمة هو فحص طفاية الحريق والحصول علي ما يثبت صلاحيتها وإرتفعت سبابتة إلي مكان ما وبالخبرة تمكنت من تحديد مكان الإشارة بدقة لقد كان هناك تجمهر آخر هناك في الأفق البعيد.... ركضت اولا نحو سيارتي كي ألتقط طفاية الحريق التي اشتريتها فحملتها مع أخواتها المثلث وشنطة الإسعافات والقرطاس  ثم قفلت راكضا إلي مكان إثبات صلاحية الطفايات وفي الطريق تلامس جسدي مع عشرات المهرولين من زملائي المواطنين وكانت قطرات العرق تتساقط من الجباة فوق القمصان التي إلتصقت بالأجساد المنهكة وتلقيت عشرات الأسئلة أثناء الرحلة فإرتفعت سبابتي يمينا ويسارا أماما وخلفا ففي تلك الاثناء لا يوجد وقت أو قدرة علي الرد بالكلمات علي كل تلك الأسئلة لغة الإشارة وفقط هي السائدة.....

أنهيت المطلوب بالنسبة لطفاية الحريق بعد الوقوف في طابور منهك.... وأخيرا تم تجميع كل الأوراق في ملف واحد تكدس مع أقرانة فوق مكتب الضابط المسئول ومن هناك ستتحرك قافلة الملفات صوب إدارة المرور حيث سنتوجة جميعا إلي هناك لخوض غمار معارك جديدة لا تقل ضراوة وشراسة... ما أحوجني الأن إلي إستراحة المحارب...جلست تحت ظل شجرة محتسيا بيبسي كولا وفي خضم إسترخائي تذكرت صديقي أوووة يا إلهي لقد فقدتة عند طوابير ذيول السيارات ونسيت أمرة تماما في ظل إنشغالي بمدلهمات المعارك التي قمت بخوضها!!!!!!! أخيرا عثرت علية .... بادرني بالسؤال هل إشتريت طفاية حريق؟؟؟ فأجبت بنعم فضحك ضحكة خبيثة سألته عن سببها؟؟؟؟؟؟؟ فقال إنة لم يقم بشراؤها رغم أن تاريخ صلاحيتها منتهي!!!! بادرتة وكيف أفلت بهذة الجريمة الشنعاء؟؟؟؟؟  فقال موظف شباك ورقة الصلاحية  نظر إلي الطفاية القديمة وقال هتشتري طفاية جديدة ولا هتظبط نفسك؟؟؟؟ فظبطت نفسي ب 50 جنية دسستها لة بين الأوراق...... أووووة يالك من شنقيط هكذا أجبتة!!!!! ولماذا لم تخبرني بهذة المعلومة اللولبية ومن أخبرك بها؟؟؟؟؟ فأجابني ظننتك علي دراية بها لقد فعلتها من قبل في الفحص السابق!!!!!.

وهكذا نحن المصريين آخر ما نفكر فية هو سلامتنا الشخصية  طمعا في توفير بضعة جنيهات يهمل أحدنا في تغيير كاوتش سيارتة رغم أنة أوشك علي الإنفجار في وجهة !!! وأحدنا في قمة الإنشكاح لأنة نجح في تجنب شراء طفاية حريق جديدة لسيارتة وقام بتوفير 150 جنيها رغم أنها قد تنقذ حياتة !!!! بينما ننفق 350 جنيها علي مجموعة أوراق بالية و450 جنيها علي حقيبة إسعافات فارغة وقرطاس وسترة عاكسة ومثلث جميعها نمتلكها بالفعل!!!!! فأي الوجهين أولي بالإنفاق يا مصلحة المرور؟؟؟؟؟؟؟؟؟

تحركت قافلة الملفات فوق ظهر احد الدراجات النارية متوجهة نحو مبني إدارة المرور اللذي يبعد عن مكان الفحص عدة كيلومترات ومن ورائها سيارات الفاحصيين في موكب مهيب....وطوال الطريق لم أستطع منع عيناي من مراقبة جبل الملفات اللذي يحتضنة أمين الشرطة الجالس خلف قائد الدراجة النارية خوفا من هاجس ألم بي... ما هي إحتمالات أن يطير الملف الخاص بي في الهواء فيسقط أرضا ويضيع في وسط الزحام وتضيع معة مجهود ساعات مضنية؟؟؟؟ إنة بمثابة الإبن بالنسبة لي أعتقد أنني بذلت في سبيلة مجهودا لم أبذلة في تربية أحد أبنائي!!!! وبالأخذ في الإعتبار حظي العاثر غالبا فإنة لو طار احد الملفات فسيكون هو ملفي بالطبع ودون أدني نقاش....

الحمد للة وصلت القافلة إلي ثكنة المرور في شارع عبدالسلام عارف بسلام ... ركنت السيارة في أحد الشوارع الخلفية وبينما كنت أهم بغلق أبواب السيارة إذا بهجوم ثنائي أمامي وخلفي تم شنة علي سيارتي فقد إنهمك شابان في فك لوحات السيارة هكذا إذن ودون أية مقدمات!!!!!!!
ما اللذي تفعلونة؟؟؟؟ فأجاب أحدهم سوف يتم تغيير لوحات السيارة بلوحات جديدة لأن لوحات السيارة الحالية أرقام فقط وسوف يتم إستبدالها بلوحات جديدة تتضمن حروف وأرقام!!!!! أووووة ولكني أتذكر جيدا أن سيارتي القديمة كانت بها لوحات حروف وأرقام ولما إشتريت هذة السيارة وقمت بترخيصها من ثلاثة سنوات كانت لوحاتها أرقام فقط فلماذا لم يعطونني اللوحات ذات الحروف والأرقام؟؟؟ ولماذا هذا التحول المريب دائما ما بين نوعية اللوحات؟؟؟؟ سبوبة يا استاذ هكذا أجابني من قام بفك اللوحات... ثم بادرني قائلا شكلك مش وش بهدلة إية رأيك أخلصلك الرخصة وإنت تقعد هنا معزز مكرم وتحليلي بقي ؟؟؟ وكم ستكلفني هذة التحلية ياسيدي؟؟؟؟ 300 جنيها!!!!!! أوووة ولماذا ياسيدي؟؟ هل سأستخرج رخصة من لندن أو باريس؟؟؟؟ وهل لاحظت إنتفاخا في جيب سروالي الخلفي حيث تقبع محفظتنا الكريمة؟؟؟؟ إنها شبة فارغة!!!!!وهل تعلم كم المشاق التي أتجاوزها في سبيل الحصول علي مائة جنيها فقط وليس ثلثمائة؟؟؟؟ فأجابني قائلا وهل تظن أنني سأحصل علي هذا المبلغ وحدي؟؟؟؟ سيشترك فية معي من الموظفين أربعة ولن يتبقي لي منة سوي الفتات... ثم قال بنظرة يملؤها غرور الثقة أنا حبيت أخدمك بس إنت مش عايز بقة إنت حر...... قمت بحمل لوحاتي وتوجهت نحو باب الدخول

وهناك كان المشهد عجيبا طوابير صاعدة وهابطة من البشر وكأنهم جيش من النمل قد إنهمك في حمل طعامة في طابورين متعاكسين وعلي باب الدخول علقت عدة لوحات تطالب المواطنين بضرورة إرتداء الكمامة خوفا من إنتشار فيروس كورونا....صعدت إلي الدور الثاني فإذا عشرات من البشر محشورين في مكان مساحتة لا تتجاوز ال 130 مترا !!!! لقد كانت الأجساد متلاصقة تدفع بعضها بعضا في طوابير عشوائية منبعجة نحو شبابيك السادة الموظفين... وقد إمتلئت المقاعد بالجالسين وإمتلئت الطرقات بمن لم يسعدة الحظ بإقتناص أحد المقاعد والجو رطب وخانق ورائحة العرق تفوح من الأجساد المنهكة... وهناك حركة دائبة عشوائية دائما فعشرات البشر يحملون أوراقهم يهرولون بها هنا وهناك في هذة المساحة الضيقة فيتوقفون برهة فيسأل بعضهم بعضا فترتفع الأيدي بإشارات عشوائية في كل الإتجاهات ثم يواصلون هرولتهم متنقلين ما بين شبابيك السادة الموظفين... 
لقد كنا اشبة بمجموعات من النمل في قلب الخلية!!! فإذا كنت ضمن أحد تلك الطوابير المنبعجة فإنك ستكون ملتصقا تمام الإلتصاق بأربعة أجساد عن يمينك ويسارك ومن أمامك ومن خلفك وإذا كنت خارجها فإن أبعد مسافة بينك وبين أي مواطن آخر لا تتجاوز ثلاثين سنتيمترا!!!!! أية كورونا هذة التي يطالبوننا بإرتداء الكمامة من أجلها؟؟؟؟؟ إن أية فيروس مسكين سيقودة سوء طالعة إلي هذا المكان لهو منفعص لامحالة وستتناثر أشلاء مادتة الوراثية فوق الجدران
سألت أحد زملائي المواطنين من أين أبدأ وأي الخيوط أمسك بطرفها؟؟؟؟ خدلك رقم... هكذا أجابني... ومن أين أستط....وفجأة طار الزميل من أمامي ثم إنحشر في أحد الكتل البشرية المنبعجة أمام احد الشبابيك!!!! وبعد عناء إستطعت الوصول إلي السيد أمين الشرطة المسئول عن توزيع الأرقام بجوار باب الدخول واللذي لم ألحظ وجودة عند دخولي بسبب شدة الزحام.... أعطني رقما ياسيدي من فضلك؟؟؟ بح هكذا أجابني!!!! ولماذا بحت الأرقام ياسيدي؟؟؟؟ فنظر إلي نظرة يملؤها الشرر والغضب وكأنني زوج أمة ثم زمجر صائحا خلصنا ياسيدي زهقنا ياسيدي مينفعش إنهاردة يا حبيبي توب علينا يارب من الشغلانة دي!!!!! هكذا إذن سوف أضطر آسفا إلي العودة غدا لإستكمال الإجراءات لأننا وصلنا إلي مصلحة المرور في الواحدة ظهرا وكان ذلك متأخرا جدا.....ودعت صديقي وأخبرني بأنة لن يستطيع الحضور غدا ولكنة سيحضر بعد الغد.... أخبرتة بأن أعصابي لا تتحمل الإنتظار يوما آخر وبأنني سوف أستكمل إجراءاتي غدا......

في مساء ذلك اليوم غطت عيناي في نوم عميق من فرط المجهود اللذي بذلتة وليتها ما غطت!!!!! لأنني دخلت في نوبة من الكوابيس فتارة يطير ملفي من فوق الدراجة النارية فأقفز من سيارتي وأجري وراءة فتدهسني سيارة مسرعة فأقوم فزعا من نومي... أعوذ باللة من الشيطان الرجيم أستغفر اللة العظيم!!! ثم أعاود النوم مرة أخري فإذا بي أراني أدخل ساحة الفحص حاملا مدفعا رشاشا فأمطر كل الموظفين والضباط والعساكر وكثير من زملائي المواطنين اللذين يتمتعون ببواخة منقطعة النظير برصاص مدفعي فتمتليء الساحة بدمائهم ثم أتوجة إلي بائعي الملفات والقراطيس والطفايات فأقوم بخنقهم واحدا تلو الأخر ولا أتركهم إلا جثثا هامدة!!!! ثم أراني احمل ملفي ومدفعي في داخل مصلحة المرور فأضرب بابها بقدمي وأطلق اعيرة نارية في الهواء فيتطاير الناس من حولي ثم أمسك برقبة أمين الشرطة موزع الأرقام اللذي زجرني بالامس فأخترقها بأظافري وأمسك بحبالة الصوتية فأستخرجها وأصنع منها ضفيرة وسط رعب وهلع الجميع ثم أطلقت الرصاص علي الزجاج الفاصل ما بين الموظفين والمواطنين فهشمتة تماما وسط صرخات الرعب والهلع للمتواجدين اللذين بادرو إلي إلقاء أنفسهم من النوافذ وتكاثرو علي باب الخروج وفجأة وجدتني وحيدا في وحدة التراخيص فتوجهت بكل هدوء إلي مقاعد الموظفين فدفعت تأميناتي وأخذت بذلك إيصالا وذهبت إلي الخزنة فسجلت ذلك علي الكمبيوتر ثم إستخرجت بذلك إيصالا توجهت بة إلي مقعد الموظف المختص بطبع الرخصة فسجلت بياناتي علي الكمبيوتر ثم إستخرجت رخصتي بكل هدوء من الطابعة ....ثم أحسست بجلبة كبيرة بالخارج فنظرت من النافذة فإذا قوات الجيش والشرطة تحاصر المكان ومكبرات الصوت تحذر المواطنين من التواجد في محيط المكان لأن هناك إرهابي يحاول قلب نظام الحكم وإنتهي الكابوس بالقبض علي وتعليق حبل المشنقة حول رقبتي فقمت فزعا من نومي!!!! أعوذ باللة من الشيطان الرجيم أستغفر اللة العظيم ...وطار النوم من عيناي........

في تمام التاسعة صباحا كنت متواجدا أمام المصلحة وصعدت إلي الدور الثاني فإذا هو مزدحم وممتليء عن آخرة ولكني إستطعت الحصول علي رقم 55 ونظرت إلي شاشات الأرقام التي كتنت تشير إلي رقم 5.... مازال أمامي 50 مواطنا قبلي ولكن لا بأس فأقلة أنني قد إستطعت الحصول علي رقم وهذا إنجاز لو تعلمون عظيم!!!!!! ورغم أنة من المفترض أن تقنية الأرقام تساعد علي تخفيف الزحام فمن المفترض ان يكون هناك مواطنا واحدا فقط امام كل شباك إلا ان كل شباك أمامة طابور منبعج يسد عين الشمس لا أدري لماذا؟؟؟ ومرت الدقائق طويلة بطيئة وأصبحت الساعة العاشرة صباحا والرقم 5 لا يريد أن يغادر الشاشات!!!! وتعالت أصوات زملائي المواطنين غاضبين لماذا لا تتحرك الأرقام؟؟؟ فيجيب الموظف السيستم واقع!!!! ثم بعد لحظات يغادر الرقم 5 الشاشة غير مشكورا ليحل الرقم 6 ثم 7 ثم 8....رائع إذا بدأت الامور في التحرك... ثم مرت الدقائق بطيئة طويلة وأصبحت الساعة 12 ظهرا ولم نصل إلا إلي الرقم 17!!!!!! لم أطق إنتظارا أكثر من ذلك فقمت من علي مقعدي وإلتحقت بأحد الطوابير المنبعجة وإنبعجت أكثر وأكثر عن الطابورحتي وصلت إلي الحاجز الزجاجي وهناك إتضحت لي الأمور فأثناء إنشغال الموظف بملف المواطن رقم 17 لاحظت انة بين الحين والأخر يدخل شخص ما داخل غرفة الموظفين بملف ما فيتم وضعة تحت الملف رقم 17 وبعد أن ينهي الموظف ملف المواطن 17 يشرع مباشرة في إنهاء الملفات المندسة أوووة إنهم هؤلاء سعداء الحظ اللذين توصلو إلي واسطة ما عبر ضابط أو موظف أو أمين شرطة أو عبر عزيزي مزيل اللوحات اللذي عرض علي 300 جنية مقابل إحضار الرخصة إلي وأنا جالس أحتسي الشاي معززا مكرما هذا هو سبب عدم تحرك الأرقام إذن!!!!....
لحظات ويهيج المواطنون أمثالي لماذا لا تتحرك الأرقام؟؟؟؟ فيجيب الموظف السيستم واقع !!!! سلامتك من الوقوع أيها السيستم ألا تتحمل قدماك الوقوف نصف ساعة متصلة فتخر هاويا؟؟؟؟ ثم يتم تحريك رقم أو رقمين حتي يهدأ الناس قليلا ثم يشرع الموظف في العمل علي الملفات المندسة مرة أخري وهكذا...هذا وقد رأيت أحد المواطنين يقوم  بدس ورقة من فئة ال 50 جنيها في ملفة في غفلة من الجميع ثم غمز للموظف بعينة قائلا صباح الصباح ياباشا وفي وسط الزحام يلتقط الموظف الملف وبخفة يد الحاوي تعرف الخمسون جنيها طريقها إلي جيب بنطالة دون أن يلاحظ الكثيرين ما يحدث!!!!وبالفعل يتحرك ملف صباح الصباح ياباشا بفعل القوة الدافعة للخمسون جنيها!!!!!

خمسون جنيها إذا هي كل ما يتطلبة الأمر أخرجت خمسون جنيها من جيبي وأردت أن أضعها في وسط ملفي فلم أستطع ليس ورعا أو تقوي بالطبع ولكني شعرت بأن العيون كلها تراقبني فماذا لو شاهد ذلك أحد زملائي المواطنين الحانقين وإفتعل معي مشكلة فيتهمني بتقديم الرشوة فتتعقد أموري أكثر فأكثر لا ليست عندي الجرأة ولا خفة اليد اللازمة ولا لغة الإيحاءات المطلوبة لتنفيذ ذلك سأنتظر دوري إذا والأمر للة..
حلقت ببصري عاليا فإذا لوحات منتشرة في المكان.... لا للرشوة!!!...معا ضد الرشوة!!! لعن اللة الراشي والمرتشي!!! ههههه جميعنا ملعونون إذا إننا جميعا إما رشاة أو مرتشين وإنما الأعمال بالنيات 
لاحظت أيضا أنة توجد كاميرات مراقبة معلقة ولكن تم تعطيلها عمدا بحجة أن السيستم واقع هههه ألف سلامة عليك عزيزي السيستم 
مرت الساعات طويلة طويلة وسط كل هذا الزحام والحر والجو الخانق فإنهارت العزائم وإستسلم الناس للأمر الواقع ولم يعد هناك من يصيح حانقا لماذا لا تتحرك الأرقام؟؟؟؟

في تمام الثالثة مساء شق ملفي طريقة مابين الملفات المندسة وغير المندسة وأخيرا ظهر الرقم 55 علي الشاشة الرقمية !!! لم أصدق عيناي سعادة غامرة قد إنتابتني توجهت إلي الشباك وانا أتراقص من فرط بهجتي ....إخترقت الحشود المنبعجة وقفت علي الشباك وجها لوجة أخيرا مع عزيزي الموظف... أين الظرف الأصفر؟؟؟هكذا سألني الموظف...أي ظرف ياسيدي؟؟؟إنزل إشترية من تحت هكذا أجابني... ولكن ياسيدي لسنا بحاجة إلي مظروف جديد فالأوراق كلها محفوظة داخل مظروف بالفعل وبالمناسبة فهو أصفر اللون أيضا هذا اللذي قدمتة إليك!!!! فلم الحاجة إذا لمظروف جديد؟؟؟... إنزل إشترية من تحت يا أستاذ مش ناقصة فلسفة!!! هكذا أجابني.. سألتة وأين هذا التحت ياسيدي؟؟؟؟ لم يجيبني وبدأت ألاحظ أن مظروفي قد إعتلتة عدة مظاريف مندسة وأدركت أن الوقت كالسيف فإن لم تقطعة دس فوقك المظاريف المندسة...إنطلقت مهرولا أسأل المواطنين عن مكان تسليم سعادة الظرف الأصفر نزلت بالدور الأرضي فشاهدت طابورا منبعجا عند كشك خشبي وبالغريزة أدركت ان هذا مقصدي وبعد عناء وشد وجذب مع زملائي المواطنين إستطعت أخيرا شراء الظرف بعد أن أنفقت من وقتي نصف ساعة كاملة في سبيل ذلك!!!
إنتظرت نصف ساعة اخري عند شباك عمنا الموظف حتي تمت إزاحة الملفات المندسة من علي كاهل ملفي العزيز فسلمتة اللظرف الأصفر وشرع أخيرا في تسجيل بياناتي علي الكمبيوتر ثم أخرج لي إيصالا توجهت بة إلي شباك دفع التأمينات فإندمجت في طابور منبعج جديد وبعد نصف ساعة أخري نجحت في دفع التأمين وإستلمت إيصالا بذلك توجهت بة إلي شباك آخر وإنعجنت مجددا في طابور جديد وأخيرا حصلت علي إيصال توجهت بة إلي أكثر الطوابير إنبعاجا وطولا وإزدحاما إنة طابور الدفع عند شباك الخزنة 

وفي طابور الخزنة تعالت الأصوات في مشادات لانهائية بين المواطنين فهناك مشادة بسبب إستغلال مواطن في آخر الطابور لزوجتة التي إخترقت الحشود وبسبب أنها إمرأة وصلت إلي مقدمة الشباك وقامت بالدفع فأراحت زوجها من عناء الزحام فإعترض المواطنون مطالبين بعدم التفرقة بين الجنسين...وهناك مشادة بسبب أن مواطن قد قام بدهس قدم مواطن أخر ووصل الأمر إلي حد الإشتباك بالأيدي... وهناك مشادة بسبب أن أحد المواطنين اللذين يتمتعون بالرخامة إلي حد بعيد قد قام بإستغفال الجميع وقفز إلي مقدمة الطابور... وهناك مشادة بسبب أن أحد المواطنين قد عطس في وجة جارة !!!!!وهناك عدة مشادات بين موظفي الخزنة وبعضهم البعض من جهة وبينهم وبين المواطنين من جهة أخري.... ومرت دقائق طويلة تخلي فيها بعض زملائي المواطنين عن الحذر الغريزي بسبب الحر والرطوبة والزحام فقامو بسب أكبر رؤوس الدولة ولعنو الفساد والفاسدين ولعنو الموظفين بل ولعنو البلد والعيشة واللذين يعيشونها ...بينما لم يتأخر الهجوم المرتد من جانب الموظفين طويلا فقامو بنعت المواطنين بالتخلف والبوهيمية والجهل!!! وبين هذا وذاك نظرت إلي سقف الغرفة وتركت جسدي تحركة أمواج الطابور نحو الشباك دون أي تحكم فية من جانبي ورحت في غفوة لم أفق منها إلا وموظف الخزنة ينادي علي إيصالك يا أستاذ يا أستاذ استاااااذ صباح الخير.... أوووة صباح النور ياسيدي  كم الساعة الأن..... الساعة الخامسة مساء فوق يا أفندينا إيصالك لو سمحت.... دفعت ما يقرب من الثلاثة ألاف جنيها في الخزينة وسابقا لم يكن هذا المبلغ يتجاوز حاجز ال 800 جنية.... إستلمت إيصالي فماذا بعد؟؟؟ قيل لي إلتحق بطابور تسليم اللوح القديمة ... وصلت إلي الطابور المنبعج حاملا لوحاتي القديمة وهناك في مؤخرة الطابور إنتابني هاجس ... ماذا لو وقفت أكثر من نصف ساعة حتي أصل إلي موظف الشباك ثم أكتشف أن هناك مظروفا لعينا أيا كان لونة يطالبني بإحضارة من هذا التحت؟؟؟؟ فرحت أقفز في مكاني عاليا وأنادي علية بصوت عال هييية سيدي هل تحتاج مع اللوحات شيء آخر؟؟؟مظروفا ورديا مثلا ما اللذي ستطالبني بة عند وصولي إليك وأبدا لن يكون بحوزتي ؟؟؟ فلتطلبة من الأن تابعت التنطيط والصياح وأحدثت جلبة لا بأس بها  حتي تنبة الموظف وقال لي هل أحضرت بصمة الرقم؟؟؟وهل قصصت اللوحات؟؟؟؟

بصمة الرقم؟؟؟ قص لوحات؟؟؟؟؟؟ ما هذة الطلاسم ياسيدي؟؟؟؟ إن المظروف الأصفر لهو أهون من ذلك بكثير!!!! أحضرتة من تحت وإنتهي الأمر!!! أما هذا فلا أفهم منة شيئا ماذا تقصد؟؟؟؟
 
خلي أمين الشرطة تحت يبصم الرقم علي الورقة إلي معاك وبعدين قص اللوحات من كشك الحاجة الساقعة ثم عد إلي هنا سريعا فلم يعد امامك الكثير من الوقت هيا أسرع ماذا تنتظر؟؟؟؟ هكذا فهمني إياها أحد زملائي المواطنين الخبرة... حسنا التحت ليس ببعيد إنطلقت إلي تحت أسابق الزمن ومن ورائي جمع من زملائي المواطنين يبتغون تنفيذ نفس الخطوات... وهناك تحت لم يعد وجود لأي أمين شرطة فقد ولي الجميع إلي بيوتهم...إنطلقنا كالمجانين نحو الساحة الداخلية التي تتم فيها إختبارات القيادة نسأل كل من يقابلنا عن آخذ بصمة الأرقام هذا اللذي يدعي محمود!!!! محمود يا محمود أمين محموووووود أين أنت وأخيرا بعد ان قمنا بلف تراك الساحة ثلاث مرات واحدثنا الجلبة اللازمة خرج إلينا هذا المحمود يتثائب من إحدي الغرف الأرضية في الساحة.....

أمين محمود البصمة من فضلك؟؟؟؟؟؟ نظر إلينا شذرا ثم قال لقد إنتهي الدوام..... توسلنا إلية رجوناة ...فراح يقول واللة ياجماعة الواحد تعبان جدا طول النهار ومش قادر وو..... وهنا وضع أحد زملائي المواطنين ورقة من فئة العشرون في جيبة قائلا مساؤة فل... ومش قادر بس واللة علشان خاطركم .... وهنا أمسك كل واحد منا بورقة من فئة العشرون وسلمها لة وهو يقوم بهذا العمل المضني الغاية في الصعوبة ألا وهو شف رقم صغير مكتوب علي لوحة السيارة بالقلم الرصاص فوق ورقة بيضاء!!!!!!

كم أنت مضحكة يا مصلحة المرور ألم نكن قادرين علي فعل هذا بأنفسنا دون أن يشعرنا محمود بإفتقارنا إلية وهو يقوم بهذا العمل المستحيل؟؟؟؟ المهم هرولنا بعد ذلك إلي كشك الكوكاكولا وقصصت لوحتي ب 10 جنيهات... 

الحمد للة سلمت اللوحات المقصوصة والبصمة وإستلمت لوحاتي الجديدة...إستعذت باللة من الشيطان الرجيم قبل ان انظر إلي حروفها راجيا من اللة أن لا تكون من فئة  ب.غ.ل أو ج.ح.ش  أو ر.خ.م  أو ع.ر.ص ..... ولكن اللة سلم  تنفست الصعداء لقد كانت من فئة 
َد.ي.ف  .... وكان الليل قد أرسي ستارة ومرت نصف ساعة أخري حتي تم إمضاء الرخص من قبل الضابط رئيس وحدة التراخيص ثم نادي علينا الموظف وتسلمت رخصة سيارتي في يدي وعلقت الملصق الإلكتروني!!!! ما احلي الوصول إليك ... أشهد ان لا رخصة أتقنت اللعبة إلا أنت وإحتملت حماقة عشرة موظفيين إلا أنت والليلة إحساسي غريب عاشق وأنا مالي حبيب قلت أحب الرخصة احسن قلت أحب الرخصة أضمن لا احن ولا اتوب ولابعد في يوم أحزن.... نزلت من مصلحة المرور منتشيا مترنحا غارقا في سكرة هذا الإنجاز الرائع لقد حصلت علي رخصة سيارتي أخيرا... وكان أذان العشاء يدوي في المسجد المقابل يا إلهي أنا متواجد هنا من التاسعة صباحا!!!! ولكن لا بأس فقد نلت المطلوب... وبدأ ذلك الشاب اللذي قابلتة في الصباح في تركيب اللوحات الجديدة وأخذ يهمهم قائلا قلتلك هات 300 جنية وروح إرتاح أو إقعد إشرب حاجة ساقعة وانا هجيبهالك لغاية عندك.... طأطأت بنظري أرضا خجلا وأومات موافقا واللة إن 300 جنيها لهو مبلغ زهيد كنت قد إشتريت بة راحتي وأعصابي... أكمل الشاب تركيب اللوحات... فدسست في يدة ورقة من فئة العشرون جنيها فإذا عيناة قد إحمرت وأوداجة قد إنتفخت ثم صاح غاضبا 20 إييية أنا بعملها ب100 جنية بس عشانك هات 70 جنيها فقط!!!!! 70 جنيها لقيامك بخرم مكان لأربعة مسامير بالشنيور ثم ربطهم بالمفك؟؟؟؟هكذا أجبتة فصاح حانقا يعني هو إنت تدفع جوة ألاف الجنيهات وجاي عليا انا؟؟؟؟؟؟ فقلت لة وهل أنجبتك حتي اكون مسؤلا عنك ياسيدي؟؟؟ وهل انا عاجز عن تخريم أربعة مسامير وتركيب لوحتي بنفسي؟؟؟ وإنما لم أردك حين عرضت علي تركيب اللوحات وقلت أهو يسترزق ولكن ليس بهذا الشكل؟؟؟؟؟ وهل تظنني مليونيرا أرمي ألاف الجنيهات يمينا ويسارا بحيث أن إنفاق 70 جنيها لن تهتز لة شعرة من جسدي؟؟؟ في الغد سوف اقوم بتقديم إستقالتي من عملي التافة ثم سأحضر شنيورا ومساميرا وفوط سيارة وسأمتهن مهنتك فلو قلنا سأركب 20 لوحة في اليوم فسيكون صافي ربحي 1400 جنية يوميا أوووووة أية وظيفة هذة التافهة التي مازلت مستمسكا بها فراتب يومين في مهنتك ياسيدي يعادل راتب شهر في وظيفتي .... لم يقتنع بما قلت وإنتفخت اوداجة اكثر وأكثر وأخذ يصدر أصواتا غريبة من أنفة وتعمد الكشف عن مطواة قرن غزال معلقة في جانبة وأخذ يتحرك حركات السكاري والمدمنين ... وكان الشارع قد عمة الظلام والهدوء ولم يكن في المكان غيرنا... إمتلأت غيظا وحنقا من الرجل وهممت بالدخول معة في معركة وليكن ما يكون!!!! ثم تريثت قليلا وسألت نفسي ما هي إحتمالات نجاحي في التغلب علية وعضلات جسدة توشك أن تمزق قميصة !!!وهو لاشك بارع في إستخدام مطوتة وأنا اعزل من السلاح؟؟؟؟ إحتمالات ضعيفة للغاية!!! تخيلت مانشيت صفحة الحوادث غدا (( مقتل مواطن طعنا بسبب الخلاف علي تركيب لوحات السيارة)) هل من الممكن ان تكون نهايتي علي يد هذا البلطجي ولهذا السبب التافة؟؟؟؟؟ عشرات من حوادث القتل في مصرنا تقع لأسباب تافهة جدا!!!! لا لن يكون موتي طعنا أقل من مواجهة بلطجي يهدد حياة سكارلت جوهانسون مثلا.....وفي الأخير وبعد مفاوضات أعطيتة 50 جنيها وقبلت رأسة الغبي....  
حسنا إنتظر عزيزي القاريء لم تنتهي القصة بعد..... هناك في منزلي فكرت لأول مرة في ان ألقي نظرة علي بيانات الرخصة التي لم أراجع بياناتها في المرور من فرط الغبطة والإنشكاح ...حسنا كل شيء سليم غير أن ...غير أن.... غير أن زجاج الفامية الخلفي والجانبي لم يتم إثباتة في الرخصة!!!!!وهذا معناة إحتمالية إعادة الفحص من جديد!!!! ما هذا المساء الأسود؟؟؟؟  أحسست وكأن صاعقة من صواعق كوكب الزهرة قد شقت رأسي إلي نصفين!!!!
أي مكان سوف أتوجة إلية في الصباح؟؟؟؟؟ ساحة الفحص أم مبني المرور؟؟؟؟إنة لسؤال فلسفي عظيم لا اجد لة جوابا ولا اعتقد أن شخصا في المجرة يمكنة تخمين الإجابة....
في الثامنة صباح اليوم التالي وبما أن ساحة الفحص هي الأقرب قررت التوجة إليها أولا وهناك قمت بإختراق الحشود والعواصف الترابية حتي وصلت إلي ضابط الفحص عند مقدمة طابور السيارات... وأوضحت لة المشكلة فأجابني الضابط روح للأمين يوسف الطويل فقلت لة وأين هو غير أنة أشاح بوجهة بعيدا عني وإنهمك في إمضاء أوراق الفحص... وبدأت مهمة العثور علي الأمين يوسف ولكن مهلا هل الطويل هو إسم والدة أم صفة أراد بها الضابط تسهيل الأمور للعثور علية؟؟؟؟
وبعد عناء شاهدت أمينا طويلا بدرجة مذهلة فهرولت ناحيتة وبادرتة قائلاالأمين يوسف الطويل؟؟؟؟ نظر الرجل إلي مغتاظا ثم قال حضرتك جاي تتريق علي الصبح؟؟؟؟ أوووة لقد كانت الطويل صفة بالفعل!!!! هذة بداية غير مبشرة إطلاقا.... إعتذرت للرجل وأقسمت بأغلظ الأيمان أنني لم أقصد السخرية منة وإنما ظننتة إسمة...
أوضحت لة جوانب المشكلة فقال عمنا يوسف لابد من إحضار الملف من مصلحة المرور إلي هنا ثم فحص السيارة للتأكد من وجود الزجاج الملون.... فحص تاني؟؟؟ ما هذا النهار الأسود؟؟؟ هكذا همهمت!! ولكن يوسف بادرني قائلا لا لا ليس فحص كامل هو بس الضابط هيبص علي زجاج السيارة بس... فقلت لة وهل هذا البس ياسيدي يتضمن الوقوف في طوابير السيارات مرة اخري؟؟؟؟ قال لا سوف أتي معك أنا إلي مكان وقوف السيارة ثم سأخبر الضابط بوجود الزجاج الملون.... الحمد للة تنفست الصعداء.... سألت يوسف هل أذهب إلي مبني المرور لإحضار الملف ثم العودة إلي هنا؟؟؟؟ فقال لا طبعا لا يمكنك ذلك الملف يحملة فقط أمين شرطة.... إنتظر معي هنا حتي يتم تجميع عدة ملفات ومن ثم سأتوجة بها إلي مبني المرور ثم أحضر ملفك وأنا عائد من هناك.... ودام هذا الإنتظار ما يقرب من ثلاثة ساعات كاملة في هذا الجو الرطب الخانق ما اللذي فعلتة يا إلهي كي أتعرض لمثل هذا العذاب النفسي والجسدي؟؟؟؟...
وأخيرا طار يوسف فوق دراجة بخارية بملفات الفاحصين في الثانية عشرة ظهرا إلي مبني المرور وفي الثانية بعد الظهر وصل يوسف إلي الساحة حاملا ملفي.... إهتز قلبي طربا وفرحا لوصولة وهرولت نحوة وطبقت في يدي 50 جنيها أريد أن أعطية إياها لتيسير الأمور ولكني فشلت في ذلك أحسست بأن كل العيون تراقبني .. وهذة عادة سيئة جدا عندي فأنا أريد بكل جوانحي أن أدفع الرشوة ولكني في النهاية لا أستطيع خجلا من أن يراني أحد...
وصل الملف وتوجهت أنا ويوسف إلي الضابط المسئول ففتح الضابط الملف ثم صاح حانقا الزجاج الفامية مثبت أهو يا أستاذ في الأوراق... هي غلطة الموظف كاتب البيانات علي جهاز الكمبيوتر إذن لقد نسي كتابة فقرة الزجاج الملون... قلت للضابط ولماذا تصرخ في وجهي ياسيدي ماذنبي أنا فيما حدث؟؟؟ فأجابني الضابط وأنا كمان ذنبي إية؟؟؟
حسنا لابد أن يعاود الملف السفر مجددا إلي مبني المرور ثم أتوجة انا إلي هناك ولكن متي سيعود؟؟؟حدث ذلك في تمام الساعة الرابعة عصرا بعد أن جمع يوسف كومة ملفات طاربها مجددا إلي مبني المرور فوق دراجتة البخارية...

وهناك في مبني التراخيص وفي وسط أمواج البشر المتلاطمة وفي خضم قطرات العرق المتساقطة كان علي ان أسأل موظف ما من أين أبدأ؟؟؟ وبعد مناهدة وتزاحم علي أحد الشبابيك وإحداث جلبة من الصياح جاء الفرج حيث قال لي الموظف روح للموظف إلي سلمتة الملف إمبارح... فقلت بأعلي صوتي حسنا لقد سلمتة بالفعل هنا في هذا الشباك بالأمس إلي موظف أخر وليس أنت ياسيدي؟؟؟؟ فقال لي بكل برود هو اجازة تعالي بكرة....
هكذا إذا بكل بساطة تعالي بكرة؟؟؟ انا إن أتيت غدا فبكل تأكيد لن أحضر بأقل من حزام ناسف وعلي ظهر دبابة M1 وسأقوم بنسف رؤوسكم جميعا أيها البيروقراطين المرتشين... وفي وسط تأملاتي الغاضبة لمحت من خلف الحاجز الزجاجي الأمين يوسف يدخل بكومة الملفات فيرميها أرضا عند قدم احد الموظفين بالداخل...فناديت علية بأعلي صوتي هييية أبوس إيدك إديلة الملف وأخذت اقفز فوق الرؤوس مرفرفا بكلتا يداي حتي كدت أن أحلق في الهواء وهو ينظر إلي بكل برود ولا يبالي بما أفعل ثم غادر غرفة الموظفين من الباب الخلفي بكل هدوء... لو كنت قد أعطيتة ال 50 جنيها لأرحت نفسي سحقا لي ولعاداتي السيئة....

ولأول مرة قررت أن أتحلي بالرخامة فدفعت زملائي المواطنين يمينا ويسارا بعيدا عن شباك الموظف الموقر وحشرت نفسي أمام الموظف في أول الصف وسط حنق وسخط زملائي المواطنين ولم أدري بنفسي إلا وأنا أصرخ في وجة الموظف قائلا إن لم تحضر لي الملف فسأتوجة إلي سيادة اللواء مدير مرور الدقهلية مباشرة .... وقد أتي ذلك أكلة فبحث الموظف في كومة الملفات حتي إستخرج ملفي العزيز وبدأت الإجرائات من الصفر فتوجهت لأدفع تأمينا ثم توجهت إلي الخزنة ثم إلي كاتب البيانات الرخصة واخيرا في مع أذان العشاء حصلت علي رخصتي.....
تذكرت بكل الأسي والحزن وقت أن كنت في دبي وكيف أن إستخراج رخصة القيادة أو السيارة لا يستغرق سوي عشرة دقائق مع إبتسامة رائعة من قبل الموظف وهو يتمني لك يوما جيدا!!! لا إمضائات ولا رشاوي ولا وساطات ولا طوابير منبعجة ولا ملفات مندسة وعلي الرغم من شدة الزحام  فإن الإجرائات تتم بكل سلاسة ونظام فهناك عشرات الموظفين يقومون بنفس العمل تيسيرا علي الناس والكل ملتزم... إنها وغيرها بلاد تؤمن بأن للناس كرامة لا يجب أن تمس وغاية أملهم هي إرضاؤك وجعلك تشعر بالسعادة والغبطة بسبب التعامل معهم... فمتي نعرف في مصر أن للناس كرامة لا يجب أن تمتهن... أحد أصدقائي في الخارج دائما ما يقول لو لم أكن مصريا لما تمنيت أبدا أن اكون بكل سعادة!!!! ومعة كل الحق
إنني واللة لا ادري ما هي مشكلتكم يا أهل المرور؟؟؟؟ بالطبع ليست ندرة أو قلة في الموظفين..ليست قلة إمكانيات ... وإنما هي قلة أدب وقلة نظام وضحالة في الإبتكار وغباء إداري منقطع النظير... تتوالي الثورات وتتغير الأنظمة وأنتم كما انتم ولسان حالكم يقول هذا ما وجدنا علية أباؤنا وإنا علي أثارهم مقتدون.... وما ينطبق علي المرور ينطبق علي سائر المصالح الحكومية... متي تدركين أيتها الحكومات الرشيدة أن للمواطن كرامة لا ينبغي أن تمس؟؟..
د/ أحمد طاهر احمد الديسطي
المنصورة في 30-8-2020







 
 







إرسال تعليق

2تعليقات

  1. معلش يا دكتور احمد علقة عظيمة ولكن من اجل الرخصة خانوم كل حاجة تهون ..

    ردحذف
  2. ايوة لقد ولدنا لمثل هذة المعارك

    ردحذف
إرسال تعليق