من الأخطاء الشائعة عن د مصطفي محمود الظن بأنة كان ملحدا منكرا لوجود اللة في وقت ما ثم هداة اللة إلي الحق بعد ذلك وفي الحقيقة فإن الرجل يقول علي لسانة بأنة لم يشك مطلقا في وجود اللة عزوجل وإنما هي رحلة إعادة نظر في كل شيء والتي هي من طبع المفكر اللذي لا يأخذ قضية الإيمان كشيء مسلم بة كعامة الناس وإنما إتباع المنهج العلمي اللذي يخلص منة إلي نتائج مقنعة فالرجل كان علمانيا متعصبا أثناء تلك المرحلة المهمة من حياتة وكان يبحث عن الأدلة العلمية التي يجد بها اللة عزوجل فكان كمن يبحث عن مفاتيح سيارتة التي ضاعت بين محتويات شقتة وهو علي يقين بأنها موجودة في مكان ما ولم تغادر الشقة فكانت رحلة بحثية بالمقام الأول....وإتخذ الرجل منهجا يرفض كل الموروثات الدينية وتفسيرات الأديان لطبيعة الخلق والحياة والإنسان والشك في صحة كل ذلك والبدء في البحث بذهن خالي من أية معتقدات ما فهل نجح في مسعاة؟؟؟؟هذا ما سوف نتعرف علية في السطور التالية......................
بدأت هذة الأفكار تراود د مصطفي في السنوات الأولي من دراستة في كلية الطب واللذي أشعل كل هذة التساؤلات هو ولعة بعلم التشريح حيث أطلق علية لقب المشرحجي نظرا لمكوثة ساعات طوال في المشرحة عاكفا علي دراسة التفاصيل الدقيقة لجسم الإنسان وكان دائما أول الطلبة دخولا للمشرحة وأخرهم خروجا منها وكان عمال المشرحة يكادون أن يحملوة فوق الأعناق ليلقو بة خارج المشرحة لمماطلتة الدائمة في الخروج بعد إنتهاء الدرس وكان يحصل علي علامات ممتازة في إختبارات علم التشريح وأثار إعجاب أساتذتة وبلغ من شدة ولعة بهذا العلم إلي درجة انة إشتري نصف جثة ورأس بشرية عكف علي تشريحهما في وقت الإجازة الصيفية وكان يحفظهما في طشت من الفورمالين أسفل سرير نومة والفورمالين غاز سام كان لة تأثيرة علي رئة د مصطفي محمود ودخل بسبب ذلك في نوبة مرضية شديدة الوطأة إستغرقت ثلاث سنوات كاملة إنقطع خلالها عن الدراسة معتكفا فوق فراش المرض وفي البداية بدي الأمر وكأنة محنة ولكن في الحقيقة كان بمثابة منحة كما يقول الدكتور مصطفي لأنة في خلال تلك السنوات كان عندة الوقت الكافي لقراءة كل ما تمكنت يداة من الوصول إلية فقرأ مئات الكتب في شتي المجالات وكان عندة الوقت للتأمل والتفكر وشكلت هذة العزلة الجبرية شخصية الأديب المفكر اللذي عرفناة لاحقا....وأثار ولعة بعلم التشريح لدية أسئلة كبري فمن هو الإنسان وما هو الموت؟؟؟؟ وما اللة؟؟؟ فهل الإنسان هو فقط مجموعة من العظام والعضلات والشرايين والأوردة والأحشاء متصلة بنهايات عصبية موصولة بالمخ في غلاف من الجلد؟؟؟؟؟ هل الإنسان يولد ثم يعيش حياة صاخبة مليئة بلحظات الفرح والألم والمعاناة والطموح والنجاح والفشل والحب والكراهية ثم يموت ليصبح جيفة نتنة ثم تراب وينتهي الأمر؟؟؟؟؟ لا لم ينتهي الأمر فهذا عبث كما يقول د مصطفي فلابد أن الإنسان شيء أخر أكبر من مجرد مجموعة أحشاء ونهايات عصبية فنفس الإنسان وروحة أسرار كبري ثم من أين أتي الإنسان وإلي أين يذهب بعد مماتة؟؟؟؟؟ وبدأ د مصطفي يطرح هذة التساؤلات في كتاب شهير إسمة اللة والإنسان إضافة إلي تساؤلات أخري عن الجنة والنار والبعث والخلود وأجاب إجابات مثيرة للجدل من خارج الموروث الديني بمنهج علمي فبالطبع كان الكتاب صادما للأزهر وللأصوليين وتمت مصادرة الكتاب ومنع نشرة وتداولة وقدم د مصطفي محمود بسببة إلي المحاكمة وأفلت من العقاب بأعجوبة بعد أن قام د محمد عبداللة المحامي الشهير في ذلك الوقت بدفاع بليغ مفادة أن هناك أفكار مماثلة لما طرحة د مصطفي لبعض المفكرين الإسلاميين القدامي وخاصة كبار الصوفية مثل بن عربي وإكتفي القاضي بمصادرة الكتاب وأخلي سبيل د مصطفي...ويعلق د مصطفي علي هذة المحنة قائلا ألتمس العذر لمن هاجم هذا الكتاب وتسبب في مصادرتة فلهم مبررات مقنعة بلا شك فقد كان ما قلتة صادما ومحطما لكل موروث ديني والقليلون فقط هم من لاحظو أن هذة التساؤلات تصدر عن قلب مؤمن تائة يبحث عن الحقيقة مثل الشاعر والصحفي الشهير كامل الشناوي حين علق علي الكتاب قائلا بأنة شهد من بين السطور ملامح إنسان مؤمن بيقولو علي د مصطفي ملحد؟؟؟؟دة بيلحد علي سجادة!!!!!! ويعلق د مصطفي علي كلام الشناوي ويصفة بأنة رجل لماح وبأنة أدرك أن الكتاب خطوة إلي اليقين والإيمان......إنتهت زوبعة كتاب اللة والإنسان ولكن لم ينتهي الأمر بالنسبة ل د مصطفي محمود فإستمر في التفكير والتأمل وإقتنع أخيرا بأن المنهج العلمي اللذي إتبعة في كتاب اللة والإنسان عاجز عن الإجابة علي تساؤلاتة وبأن هذا المنهج يصلح لدراسة البيئة والظواهر الطبيعية والمحسوس والملموس والمشاهد والخروج من ذلك بقوانين لا تقبل الشك أما عن اللة وروح الإنسان ونفسة والموت والبعث فيقف هذا المنهج عاجزا قليل الحيلة...فإتخذ د مصطفي طرق جديدة في البحث وبدأ بعلم الفلسفة فقرأ لجميع الفلاسفة القدامي والمحدثين فلم يجد جوابا مقنعا ووجد أن الفلسفة يدخلها حائرا فيخرج منها أكثر حيرة فكل فيلسوف يبني منهجا ثم يأتي من بعدة فيهدم هذا المنهج ويبني أخر جديد فلا يوجد يقين ولا توجد إجابة ثابتة وإقتنع بأن الفلسفة ما هي إلا رياضة ذهنية تنشط العقل.....ولم يبقي أمام د مصطفي سوي دراسة الأديان فبدأ بالديانات الهندية مثل البوذية والزارادشتية والكنفوشيسة فلم يجد فيها جوابا شافيا ووصل اخيرا إلي الديانات السماوية فدرس اليهودية ثم المسيحية ووجد فيهما كثيرا من المتناقضات وإستغرقت رحلة القراءة والتأمل في كل ذلك عشرة سنوات كاملة من حياة الرجل حتي وصل لمحطتة الأخيرة وهي دراسة القرأن الكريم
القرأن الكريم يقلب تفكير د مصطفي محمود رأسا علي عقب:
يتحدث د مصطفي محمود فيقول إنني بعد طول بحث رأيت العلم عاجزا بأدواتة عن إجابة هذة الأسئلة الكبري وهذا كسر الغرور العلمي لدي وبدأت أتجة نحو الدين ووقفت وقفة خاشعة أمام اللة سبحانة وتعالي لتلقي الجواب ووجدتة في القرأن فكان التحول من الشك إلي اليقين.......
يتحدث د مصطفي محمود عن القرأن فيقول إن أعجب ما في القرأن هو الإنطباع الأول عند قراءة كلماتة قبل محاولة تفسيرها أو حتي التفكر فيها فالقرأن يأسر القلب بمجرد قراءة كلماتة ففية إيقاع غريب وفية موسيقي داخلية رائعة ليست بالشعر وليست بالنثر فكان إنطباعي الأول بأن هذا الكلام لا يصدر إلا عن عظيم ثم وجدت أن القرأن يحتوي بين دفتية جميع ما إقتنعت بة أثناء قراءاتي السابقة في شتي العلوم والأديان فهو كتاب جامع وكذلك يوجد بة الكثير من اللمحات العلمية الرائعة التي أثبتها العلم لاحقاوهو شيء معجز ويقول د مصطفي ثم تعمقت في قراءة التفاسير وسيرة النبي صلي اللة علية وسلم وكتب التاريخ الإسلامي فوجدت منظومة شاملة لفهم معني الحياة ومعني الموت ومعني وجود الإنسان والغرض من وجودة وهذا كلام عمرة أكثر من ألف وربعمائة عام خرج من قلب الجزيرة العربية القاحلة البعيدة كل البعد عن الحضارة والتقدم وتعجبت من قدرة هذا الكلام علي تربية رجال تسيدو العالم وصنعو إمبراطورية عظيمة فهذا كلام قد أحدث إنقلابا في مجريات التاريخ وهو ظاهرة فوقية Supernatural ولا يمكن تفسير ذلك بأنة عبث من قول البشر بل هو كلام لا يصدر إلا عن عظيم ولا يصدر إلا عن مبدع هذا الكون وخالقة....
د مصطفي محمود بعد إنتهاء مرحلة الشك:
تحول د مصطفي محمود من شخص علماني متشدد إلي واحد من أشد المدافعين عن قضية الإيمان باللة ونقف على هذا فى كتابه «رحلتى من الشك إلى الإيمان»، لنقف على ترجمة مفصلة لما استقر عليه من يقين وإيمان بعد مراجعته لقناعاته الأولى، ومما قاله فى كتابه «رحلتى من الشك إلى الإيمان»: «لقد رفضت عبادة الله لأنى استغرقت فى عبادة نفسى، وأعجبت بومضة النور التى بدأت تومض فى فكرى مع انفتاح الوعى وبداية الصحوة من مهد الطفولة كانت هذه الحالة النفسية وراء المشهد الجدلى الذى يتكرر كل يوم، وغابت عنى أيضاً أصول المنطق وأنا أعالج المنطق، ولم أدرك أنى أتناقض مع نفسى إذ اعترف بالخالق ثم أقول ومن خلق الخالق، فأجعل منه مخلوقاً فى الوقت الذى أسميه فيه خالقاً وهى السفسطة بعينها، واحتاج الأمر إلى ثلاثين سنة مع الغرق فى الكتب وآلاف الليالى من الخلوة والتأمل والحوار مع النفس وإعادة النظر ثم إعادة النظر فى إعادة النظر، ثم تقليب الفكر على كل وجه لأقطع الطريق الشائكة من الله والإنسان إلى لغز الحياة إلى لغز الموت إلى ما أكتب اليوم من كلمات على درب اليقين، ولو أنى أصغيت إلى صوت الفطرة، وتركت البداهة تقودنى لأعفيت نفسى من عناء الجدل ولقادتنى الفطرة إلى الله».....
كتب د مصطفي أكثر من خمسة كتب تهاجم الشيوعية والماركسية والعلمانية بضراوة أهمها الماركسية والإسلام وسقوط اليسار ثم كتب 15 كتابا عن الإسلام ولاننسي بالطبع البرنامج الرائع العلم والإيمان اللذي قدمة علي شاشات التليفزيون المصري واللذي ربط بة العلم الدنيوي بالإيمان في أسلوب سهل مبسط وفي رأيي المتواضع فإن تأثير حلقة واحدة من البرنامج إيمانيا يعدل ألاف الخطب والمواعظ
معني العمل كما يراة د مصطفي محمود:
يقول د مصطفي محمود....فجأة وجدت نفسي عندي 70 كتابا من الكتب شديدة الرواج والتي ضمنت لي دخلا ماديا جيدا جدا ولكني بعد تفكير قلت بماذا سأقابل اللة عزوجل هل سأقابلة ومحصولي من العمل شوية كلام؟؟؟؟ واللة عزوجل يقول "يأيها اللذين أمنو إتقو اللة وقولو قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم " فالقول السديد فهو كتبي علي إفتراض أنها قول سديد ولكن أين عملي؟؟؟؟ويقول ناقشت هذة الفكرة مع صديقي الفنان محمد عبد الوهاب وقلت لة أحتاج إلي عمل حقيقي أقابل بة ربي مثل صدقة جارية أو إطعام جائع فقال عبد الوهاب طب وإية يعني منا هقابل ربنا ومحصولي من العمل ألحان وأغاني والكلمة فن والفن عمل جليل فقال لة د مصطفي بخفة ظلة المعهودة هتقابل ربنا هتقولة بلاش تبوسني في عنيا دي البوسة في العين تفرق ولا هتقولة الدنيا دي سيجارة وكاس؟؟؟؟بصراحة يا عبد موقفك مش مطمئن هههههههه!!!!!!! وهكذا فكر د مصطفي في عمل يكون لة صدقة جارية بعد مماتة فأنشأ صرحة العظيم جامع ومركز د مصطفي محمود الطبي الخيري وكان ومازال الفقراء يتلقون فية عناية فائقة بأحدث التقنيات وبأجر رمزي لمن يستطيع منهم أن يدفع
وكان الإنسان أكثر شيئا جدلا:
لقد أثبتت تجربة د مصطفي محمود بأن العلم قاصر عن الإحاطة بأسرار الخلق والكون وعاجز عن تقديم مفهوم شامل لمعني الحياة والموت وأن الإنسان محتاج دائما إلي توجية إلهي لكي لا يضل فكان توالي الرسل والأنبياء علي مر العصور لتوجية الإنسان نحو الطريق الصحيح كلما ضاعت منة البوصلة الإلهية والبوصلة الإلهية هي الفطرة التي فطر اللة الناس عليها وهو الشعور المتجذر في النفس الإنسانية بوجود الخالق وقدرتة وإبداعة.....ولكن د مصطفي ضاعت منة البوصلة الإلهية كلام اللة المنزل في القرأن الكريم وتولي عنها يبحث في كتابات البشر عن جواب وناقش وجادل ورفض وأثبت ونفي فلم يصل إلي شيء ولكن بمجرد عودتة إلي القرأن تلقي الإجابة الشافية ولو أنة إستمع إلي فطرتة لأراح نفسة من الجدل ولقادتة الفطرة إلي طريق اللة عزوجل...
إرسال تعليق
0تعليقات