تزعم الثورة في مدينة غرناطة رجل مورسيكي يدعي فرج بن فرج يعمل في مجال الصباغة من نسل بني سراج وهم من أشراف غرناطة وفرسانها المشهوريين أيام الحكم الإسلامي وكان يضطرم حماسة وسخطا علي النصاري وكان لة علاقة وثيقة بسكان جبال البشرات التابعة لغرناطة فإتفق مع زعمائها علي حشد قوة كبيرة منهم تزحف سرا إلي غرناطة يوم الخميس من شهر أبريل عام 1568 ميلادية وكان يوما مقدسا عند النصاري يحتفلون فية وينشغلون ثم تفاجيء حامية قصر الحمراء وتسحقها وتستولي علي المدينة وكان ذلك في الإمكان لأن الحامية لم تكن بالكبيرة وأعداد جنود الجيش الأسباني بالمدينة ليست بالضخمة ويبدو ان الإسبان بمرور الزمن قد إعتادو من المورسيكيين حالة الخنوع والخضوع ولم يدر بخلدهم مطلقا ان يقوم المورسيكيين بمثل هذة الخطوة الجريئة وأقصي ما كان يتوقعونة من جانب المورسيكيين ثورة هنا اوهناك يتم قمعها بسرعة ولكن لسوء الحظ تسربت تفاصيل الهجوم إلي السلطات الإسبانية بفعل الوشاة فشددو الحراسة علي قصر الحمراء وتزايدت أعداد الجنود داخل المدينة وفشل الهجوم من قبل أن يبدأ...وفي شهر ديسمبر من نفس العام وقعت حادثة كان لها أبلغ الأثر في تأجيج نار الثورة إذ وثب بعض المورسيكيين علي بعض قضاة محاكم التفتيش وقتلوهم وهم في طريقهم إلي غرناطة وبالطبع كان رد الفعل عنيفا من جانب السلطات فهاجمت سكان المدينة وقتلت وألقت القبض علي الكثيرين فعمت الثورة المدينة وتوجهت جموع الثوار صوب جبال البشرات حيث يقطن فرج بن فرج وتداول الزعماء المشورة فيما بينهم بحثا عن أمير يقودهم ويكون رمز ملكهم القديم فوقع إختيارهم علي فتي في العشرين من عمرة من حي البيازين بغرناطة يدعي دون فرناندو دي كردوبا وكان هذا الإسم القشتالي يحجب نسب إسلامي رفيع يعرفة الغرناطيون جيدا فقد كان ينتمي إلي بني أمية وكان سليل الملوك والخلفاء اللذين حكمو الأندلس زهاء ثلاثة قرون وتسمي فرناندو بإسم محمد بن امية وسمي بصاحب الأندلس وغرناطة وتولي فرج بن فرج منصب الوزارة وجرت مراسم إحتفالية بسيطة مؤثرة أثناء تتويجة ففرشت الأرض بأعلام إسلامية وصلي محمد بن امية بالناس لأول مرة منذ سنين طويلة صلاة علنية في الهواء الطلق وتحت أشعة الشمس وأقسم الامير بأن يموت في سبيل دينة وأمتة وإنتشر الخبر في سائر غرناطة فتوجهت المزيد من الحشود الثائرة صوب البشرات وكان محمد بن امية علي صغر سنة وافر العزم فبدأ العمل علي الفور فهاجم الكنائس النائية والحاميات قليلة العدد في سائر أنحاء البشرات بغرض جمع المال والسلاح فقتل الكثير من القسس والقضاة وفزعت إسبانيا من تحركات بن امية وإتضح أن الأمر جد خطير فتوجهت الحشود الإسبانية بقيادة المركيز دي منديخار حاكم غرناطة صوب البشرات في 2 يناير عام 1569 وإلتقي الجانبان في معركة غير متكافئة هزم فيها الموركسيين نظرا لقلة اعدادهم وضعف تسليحهم وتفرقو بين الجبال ثم عرض منديخار علي محمد بن أمية الإستسلام مقابل العفو عنة وعودة الأمور مع الموركسيين إلي طبيعتها وتداول بن امية المشورة مع الزعماء فرفضو هذا العرض فلم تكن هناك بعد كل هذة المأسي ثمة ثقة في وعود النصاري وأعاد الثوار تنظيم صفوفهم وإستؤنف القتال...في بداية المعركة أصيب الإسبان بهزيمة شديدة فقدو فيها أكثر من 150 جنديا وضابطا ولكن دارت الدائرة علي الثوار فوقعت فيهم الهزيمة مرة أخري فلم يكن عددهم أوتسليحهم يؤهلهم للإنتصار...هرب محمد بن أمية وإختبأ في شعب الجبال يترقب الفرص وتم أسر أمة وزوجتة غير أن المورسيكيين أعادو تنظيم الصفوف للمرة الثانية دون وجود قائدهم وإلتقو بالجيش الأسباني شرق البشرات ووقعت معارك طاحنة بين الفريقين أبلي فيها الموركسيين البلاء الحسن ولكنهم هزمو في النهاية وتشتتو في الجبال الوعرة بعد ان أثخنو الجيش الأسباني قتلا وتنكيلا وفي كل المعارك السابقة قتل الأسبان جميع الأسري بلا رحمة وحتي النساء والأطفال....وفي غرناطة تم قتل اكثر من 150 سجينا من المورسيكيين بلا رحمة فتيقن المورسيكيين من أن الموت بشرف في ساحة المعركة خير من الذل والهوان وبدلا من أن تخبو حماسة الثورة في نفوسهم إشتعلت أكثر وأكثر فغادر المزيد من سكان غرناطة صوب البشرات وخرج محمد بن امية من مخبأة ليقود الثوار مجددا وإجتمع لة منهم أضعاف ما كانو وطارت رسائل الإستغاثة مجددا إلي بلاد المغرب العربي وإلي إسلامبول دونما فائدة ولم يلبي النداء سوي جموع صغيرة من المجاهدين في المغرب العربي بمبادرات شخصية وأيضا فرقة من الترك وقد إستطاعت هذة الحفنة القليلة المغامرة من أن تجوز البحر وتصل إلي الأراضي الإسبانية وأن تصل إلي جبال البشرات وتنضم إلي محمد بن امية وإهتزت إسبانيا كلها من وقع هذة الحوادث وبدأت في إتخاذ ما يلزم لإيقاف هذا المد الثوري...ودارت بين الجيش الإسباني وجموع الثوار معارك عديدة لم يحسم فيها الموقف لأحد الفريقين وفي خضم هذة الاحداث إغتيل محمد بن أمية بسبب خلافات شخصية بينة وبين بعض الثوار
المرجع:
كتاب دولة الإسلام في الأندلس د محمد عبداللة عنان
كتاب دولة الإسلام في الأندلس د محمد عبداللة عنان
شاهد بقية الأجزاء
إرسال تعليق
0تعليقات